نجاح القاري لصحيح البخاري

باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق

          ░16▒ (قَتْلُ أبِي رَافِعٍ) ويروى: <باب قتل أبي رافع> ضدُّ الخافض (عَبْدِ اللَّهِ) مجرور عطف بيان «لأبي رافع» (بْنِ أبِي الْحُقَيْقِ) بضم الحاء المهملة وفتح القاف الأولى مصغراً، والذي سمَّاه: عبد الله هو: عبد الله بن أُنيس.
          وذلك فيما أخرجه الحاكم في «الإكليل» من حديثه مطولاً، وأوله: أن الرهط الذين بعثهم رسول الله صلعم إلى عبد الله بن أبي الحُقيق ليقتلوه هم عبد الله بن عَتيك وعبد الله بن أُنيس وأبو قتادة وحليف لهم ورجل من الأنصار، وأنهم قدموا خيبر ليلاً... فذكر الحديث.
          (وَيُقَالُ: سَلَّامُ بْنُ أبِي الْحُقَيْقِ) أي: يُقال: اسم أبي رافع: سلَّام بفتح السين المهملة وتشديد اللام (كَانَ بِخَيْبَرَ، وَيُقَالُ: فِي حِصْنٍ لَهُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ) قال محمد بن إسحاق صاحب «المغازي»: هو سلَّام. قال: لما قتلت الأوسُ كعب بن الأشرف استأذنت الخزرجُ رسولَ الله صلعم في قتل سلَّام بن أبي الحُقيق وهو بخيبر، فأذن لهم. قال: فحدَّثني الزُّهري عن عبد الله بن كعب بن مالك قال: ممَّا صنع الله لرسوله صلعم أنَّ الأوس والخزرج كانا يتصاولان تصاولَ الفحلين.
          لا يصنع الأوس شيئاً إلَّا قالت الخزرجُ: والله لا يذهبون بهذه فضلاً علينا، وكذلك الأوس فلمَّا أصاب الأوس كعب بن الأشرف تذاكرت من رجل له بالعداوة لرسول الله صلعم كما كان لكعب، فذكروا ابن أبي الحُقيق وهو بخيبر، ويُقال: / في حصن له بأرض الحجاز، ووقع هو في سياق الحديث الموصول.
          ويحتمل أن يكون حصنه كان قريباً من خيبر في طرف أرض الحجاز، ووقع عند موسى بن عقبة: فطرقوا أبا رافع بن أبي الحُقيق بخيبر فقتلوه في بيته، ولأبي رافع المذكور أخوان مشهوران من أهل خيبر أحدهما: كنانة وكان زوج صفية بنت حيي قبل النبي صلعم ، وأخوه الربيع بن أبي الحُقيق، وقتلهما النبي صلعم جميعاً بعد فتح خيبر.
          وقوله: «كان بخيبر» أي: كان أبو رافع يسكن بخيبر بلد في جهة الشمال والشرق من المدينة على نحو ست مراحل، وخيبر بلغة اليهود: حصن، وكان في صدر الإسلام دار بني قريظة والنضير.
          وقوله: «ويُقال: في حصنٍ له بأرض الحجاز» أي: يُقال: كان أبو رافع في حصن كائن له بأرض الحجاز. قال الواقدي: الحجاز من المدينة إلى تبوك، ومن المدينة إلى طريق الكوفة، ومن وراء ذلك إلى أن يشارف أرض البصرة فهو نجد، وما بين العراق وبين وَجْرة وعَمرة الطائف نجد، وما كان من وراء وَجْرة إلى البحر فهو تهامة، وما كان بين تهامة ونجد فهو حجاز.
          وقال المدائني: الحجاز جبل يُقبِل من اليمن حتى يتصل بالشام، وفيه المدينة وعمَّان، وإنما سُمِّي حجازاً لأنه يحجز بين نجد وتهامة، ومن المدينة إلى طريق مكة إلى أن يبلغ مهبط العرج حجاز أيضاً، وما وراء ذلك إلى مكة وجدة فهو تهامة، وما كان بين تهامة ونجد فهو حجاز.
          (قَالَ الزُّهْرِيُّ) أي: قال محمد بن مسلم الزهري فيما وصله يعقوب بن سفيان في «تاريخه»: عن حجاج بن أبي منيع عن جده عن الزُّهري (هُوَ) أي: قتل أبي رافع (بَعْدَ كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ) أي: كان بعد قتله، وعند ابنِ إسحاق عن الزُّهري: أنَّه أخذ ذلك عن عبد الله بن كعب بزيادة فيه. وقال ابنُ سعد: إن قتلَ كعب بن الأشرف كان في رمضان من سنة ثلاث، وكانت قصَّة أبي رافع في ذي الحجة سنة خمس، وقيل: في سنة أربع، وقيل: في رجب سنة ثلاث، وقال الواقديُّ: كانت قصَّة أبي رافع في سنة ستٍّ وهو وهم.