-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
أبواب سترة المصلي
-
كتاب مواقيت الصلاة
-
كتاب الأذان
-
أبواب الجماعة والإمامة
-
كتاب الجمعة
-
أبواب صلاة الخوف
-
كتاب العيدين
-
كتاب الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
كتاب الكسوف
-
أبواب سجود القرآن
-
أبواب تقصير الصلاة
-
أبواب التهجد
-
كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
أبواب العمل في الصلاة
-
أبواب السهو
-
كتاب الجنائز
-
كتاب الزكاة
-
أبواب صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
أبواب المحصر
-
كتاب جزاء الصيد
-
أبواب فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارة
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
كتاب المساقاة
-
كتاب الاستقراض
-
كتاب الخصومات
-
كتاب في اللقطة
-
كتاب المظالم
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب فرض الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب أحاديث الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
كتاب فضائل الصحابة
-
كتاب مناقب الأنصار
-
كتاب المغازي
-
باب غزوة العشيرة أو العسيرة
-
باب ذكر النبي من يقتل ببدر
-
باب قصة غزوة بدر
-
باب قول الله تعالى: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم}
-
باب
-
باب عدة أصحاب بدر
-
باب دعاء النبي على كفار قريش
-
باب قتل أبي جهل
-
باب فضل من شهد بدرًا
-
باب
-
باب شهود الملائكة بدرًا
-
باب
-
باب تسمية من سمي من أهل بدر
-
باب حديث بنى النضير
-
باب قتل كعب بن الأشرف
-
باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق
-
باب غزوة أحد
-
باب: {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما}
-
باب قول الله تعالى: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان}
-
باب: {إذ تصعدون ولا تلوون على أحد}
-
باب: {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنةً نعاسًا يغشى طائفةً منكم}
-
باب: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم}
-
باب ذكر أم سليط
-
باب قتل حمزة
-
باب ما أصاب النبي من الجراح يوم أحد
-
باب: {الذين استجابوا لله والرسول}
-
باب من قتل من المسلمين يوم أحد
-
باب: أحد يحبنا
-
باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة
-
باب غزوة الخندق
-
باب مرجع النبي من الأحزاب ومخرجه إلى بنى قريظة ومحاصرته إياهم
-
باب غزوة ذات الرقاع
-
باب غزوة بني المصطلق من خزاعة
-
باب غزوة أنمار
-
باب حديث الإفك
-
باب غزوة الحديبية
-
باب قصة عكل وعرينة
-
باب غزوة ذات القرد
-
باب غزوة خيبر
-
حديث سويد: أنه خرج مع النبي عام خيبر
-
حديث عامر: اللهم لولا أنت ما اهتدينا
-
حديث أنس: خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين
-
حديث: صبحنا خيبر بكرة فخرج أهلها بالمساحي فلما بصروا
-
حديث: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية
-
حديث: صلى النبي الصبح قريبًا من خيبر بغلس
-
حديث: أما إنه من أهل النار
-
حديث: قم يا فلان فأذن أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن
-
حديث: اربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا
-
حديث: هذه ضربة أصابتني يوم خيبر
-
حديث: التقى النبي والمشركون في بعض مغازيه فاقتتلوا فمال كل
-
حديث: نظر أنس إلى الناس يوم الجمعة فرأى طيالسة
-
حديث: لأعطين الراية غدًا رجل يحبه الله ورسوله.
-
حديث: لأعطين هذه الراية غدًا رجلًا يفتح الله على يديه
-
حديث: آذن من حولك
-
حديث: أن النبي أقام على صفية بنت حيي بطريق خيبر ثلاثة أيام
-
حديث: أقام النبي بين خيبر والمدينة ثلاث ليال يبنى عليه بصفية
-
حديث: كنا محاصري خيبر فرمى إنسان بجراب فيه شحم
-
حديث: أن رسول الله نهى يوم خيبر عن أكل الثوم
-
حديث: أن رسول الله نهى عن متعة النساء يوم خيبر
-
حديث: أن رسول الله نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية
-
حديث: نهى النبي عن أكل لحوم الحمر الأهلية
-
حديث: نهى رسول الله يوم خيبر عن لحوم الحمر
-
حديث: لا تأكلوا من لحوم الحمر شيئًا وأهريقوها
-
حديث: فنادى منادي النبي: أكفئوا القدور
-
حديث: لا أدري أنهى عنه رسول الله من أجل أنه كان حمولة الناس
-
حديث: قسم رسول الله يوم خيبر للفرس سهمين
-
حديث: إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد.
-
حديث: بلغنا مخرج النبي ونحن باليمن فخرجنا مهاجرين إليه أنا
-
حديث: قدمنا على النبي بعد أن افتتح خيبر فقسم لنا
-
حديث أبي هريرة: افتتحنا خيبر ولم نغنم ذهبًا ولا فضة
-
حديث: أما والذي نفسي بيده لولا أن أترك آخر الناس ببانًا
-
حديث: لولا آخر المسلمين ما فتحت عليهم قرية إلا قسمتها
-
حديث: واعجباه لوبر تدلى من قدوم الضأن
-
حديث: واعجبًا لك وبر تدأدأ من قدوم ضأن
-
حديث: أن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها
-
حديث: لما فتحت خيبر قلنا: الآن نشبع من التمر
-
حديث: ما شبعنا حتى فتحنا خيبر
-
حديث سويد: أنه خرج مع النبي عام خيبر
-
باب استعمال النبي على أهل خيبر
-
باب معاملة النبي أهل خيبر
-
باب الشاة التي سمت للنبي بخيبر
-
باب غزوة زيد بن حارثة
-
باب عمرة القضاء
-
باب غزوة مؤتة من أرض الشام
-
باب بعث النبي أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة
-
باب غزوة الفتح وما بعث حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة
-
باب غزوة الفتح في رمضان
-
باب أين ركز النبي الراية يوم الفتح
-
باب دخول النبي من أعلى مكة
-
باب منزل النبي يوم الفتح
-
باب
-
باب مقام النبي بمكة زمن الفتح
-
باب
-
باب قول الله تعالى: {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم}
-
باب غزاة أوطاس
-
باب غزوة الطائف
-
باب السرية التي قبل نجد
-
باب بعث النبي خالد بن الوليد إلى بنى جذيمة
-
سرية عبد الله بن حذافة السهمي وعلقمة بن مجزز المدلجي
-
باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع
-
بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع
-
باب غزوة ذي الخلصة
-
باب غزوة ذات السلاسل
-
باب ذهاب جرير إلى اليمن
-
باب غزوة سيف البحر
-
حج أبي بكر بالناس في سنة تسع
-
باب وفد بني تميم
-
باب
-
باب وفد عبد القيس
-
باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال
-
قصة الأسود العنسي
-
قصة أهل نجران
-
باب قصة عمان والبحرين
-
باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن
-
قصة دوس والطفيل بن عمرو الدوسي
-
باب قصة وفد طيء وحديث عدي بن حاتم
-
باب حجة الوداع
-
باب غزوة تبوك
-
حديث كعب بن مالك
-
باب نزول النبي الحجر
-
باب
-
باب كتاب النبي إلى كسرى وقيصر
-
باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته
-
باب آخر ما تكلم النبي صلى الله عليه وسلم
-
باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم
-
باب
-
باب بعث النبي أسامة بن زيد في مرضه الذي توفي فيه
-
باب
-
باب كم غزا النبي صلى الله عليه وسلم؟
-
باب غزوة العشيرة أو العسيرة
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
كتاب المرضى
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
كتاب الرقاق
-
كتاب القدر
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
4196- (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ) القَعنبي شيخ مسلم أيضًا، قال: (حَدَّثَنَا حَاتِمُ) بالحاء المهملة (ابْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ) من الزِّيادة (ابْنِ أَبِي عُبَيْدٍ) مصغَّر عبد (عَنْ سَلَمَةَ) بالفتحات (ابْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ) ويُروى: <مع النَّبيّ> ( صلعم / إِلَى خَيْبَرَ، فَسِرْنَا لَيْلًا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ) قال الحافظُ العسقلاني: لم أقف على اسمه صريحًا.
وعند ابنِ إسحاق من حديث نصر بن دَهْر الأسلمي: أنَّه سمع رسول الله صلعم يقول في مسيره إلى خيبر لعامرِ بنِ الأكوع: ((فخذ لنا من هَنَاتك))، ففي هذا دَلالة على أنَّ النَّبي صلعم هو الَّذي أمره بذلك، والله تعالى أعلم.
(لِعَامِرٍ) هو عمُّ سلمة بن الأكوع، واسم الأكوع سنان، وهو اسمُ جدِّ سلمة، وأبو سلمة هو عمرو بن الأكوع، وعامر هو ابنُ الأكوع، وهو عامر بن سنان عمُّ سلمة بن عَمرو بن الأكوع، استشهد يوم خيبر على ما ذُكر في هذا الحديث.
(يَا عَامِرُ أَلَا تُسْمِعُنَا) بضم التاء، من الإسماع (مِنْ هُنَيْهَاتِكَ) بضم الهاء وفتح النون وسكون التحتية بعدها هاء أخرى، جمع هُنَيهة وهي مصغَّر هَنَة، كما قالوا في تصغيرِ سنة سُنَيهة. وفي رواية الكُشميهني: <هُنَيَّاتك> بحذف الهاء الثانية وتشديد الياء التحتية الَّتي قبلها أبدلت الياء الثانية هاء في هنيهات، وأصل هنة: هنو، كما أنَّ أصل سنة: سنو.
ووقع في الدَّعوات من وجه آخر [خ¦6891](1) : عن يزيد بن أبي عُبيد: ((لو أسمعتنَا من هَنَاتك))، بفتح الهاء والنون وبعد الألف مثناة فوقية، فيكون جمع هنة.
وقال الكرمانيُّ: أمَّا هَنٌ على وزن أخ فكلمة كناية عن الشَّيء، وأصله: هَنَو، وتقول للمؤنث: هَنَة، وتصغيرها هُنَيَّة، والمراد بالهنيَّات الأراجيز جمع الأرجوزة.
وقال السُّهيلي: الهَنَة كنايةٌ عن كلِّ شيءٍ لا تعرف اسمه، أو تعرفه فتُكني عنه، وقال الهرويُّ: كناية عن شيءٍ لا تذكره باسمه.
وقال الأخفش: كما تقول: هذا فلان بن فلان، تقول: هذا هَنُ بن هَن، وهذه هَنَةُ بنت هَنَة، وهو نصٌّ في أن يُكنى بها عن الأعلام، وقال ابنُ عصفور: وهو الصَّحيح.
(وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلًا شَاعِرًا) قيل: هذا يدلُّ على أنَّ الرَّجز من أقسام الشِّعر؛ لأنَّ الَّذي قاله عامر حينئذٍ من الرَّجز (فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ) من الحَدو، وهو سوقُ الإبل والغناء لها، يُقال: حَدوتُ الإبل حدوًا وحَداء، ويُقال للشَّمال: حَدواء؛ لأنَّها تحدو السَّحاب، والإبل تحب الحُداء، / ولا يكون الحداء إلَّا شعرًا أو رجزًا، وأوَّل من سنَّ حُداءَ الإبل مُضر بن نزار لما سقطَ عن بعيره فكُسرتْ يده فبقي يقول: وا يداه وا يداه.
(وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا) فيه زِحاف الخَزْم _بالمعجمتين_، وهو زيادة سبب خفيف في أوَّله، وأكثره أربعة أحرف. وقال الكرمانيُّ: اعلم أنَّ الرِّواية: «اللَّهمَّ» لكن الموزون لاهم، وهذا رجزٌ كما تقدَّم. واختلف في الرَّجز أنَّه شعر أم لا؟ فقيل: إنَّه شعرٌ وإن لم يكن قَريضًا. وقد قيل: إنَّ هذا ليس بشعرٍ إنما هو أشطار أبيات، وإنما الرجز الَّذي هو شعر ما هو سداسي الأجزاء، أو رباعي الأجزاء.
(وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا) وقد تقدَّم في الجهاد [خ¦3034] من حديث البراء بن عازب ☺ أنَّه من شعر عبدِ الله بن رواحة، فيُحتملُ أن يكون هو وعامر تواردا على ما تواردا عليه منه، وأكثر ما وقع لكلٍّ منهما ليس عند الآخر، أو استعانَ عامرٌ ببعضِ ما سبقه إليه ابن رواحة (فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا أَبْقَيْنَا) قوله: «فِدَاء لك» _بكسر الفاء وبالمد_، ويُحتمل الرفع والنصب. وحكى ابن التِّين: فتح الفاء مع القصر، وزعم أنَّه هنا بالكسر مع القصر لضرورة الوزن، ولم يُصبْ في ذلك، فإنَّه لا يتزن إلَّا بالمدِّ على ما لا يخفى، وقد استشكلَ هذا الكلام.
قال المازريُّ: لا يُقال لله: فداء لك؛ لأنَّه يُستعملُ في مكروه يتوقَّع حلوله بالشَّخص فيختار شخص آخر أن يحلَّ ذلك به ويفديهِ منه، فهو إمَّا مجاز عن الرِّضا، كأنَّه قال: نفسي مبذولةٌ لرضاك، أو هذه الكلمة وقعت في البيت خطابًا لسامعِ الكلام.
وقال الحافظُ العسقلاني: إنَّها كلمة لا يُرادُ ظاهرها بل المراد بها المحبَّة والتَّعظيم مع قطعِ النَّظر عن ظاهر اللَّفظ. وقيل: المخاطبُ بهذا الشِّعر هو النَّبي صلعم ، والمعنى: لا تُؤاخذنا بتقصيرنَا في حقِّك ونصرك. وقوله: «اللَّهمَّ» لم يقصدْ به الدُّعاء وإنما افتتحَ به الكلام، والمخاطب بقوله: «لولا أنت»، هو النَّبي صلعم . ويُعكِّر عليه بعد ذلك: «وألقين سكينة علينا»، وكذا: «وثبِّت الأقدام إن لاقينا»، فإنَّه دعاء لله تعالى، ويُحتمل أن يكون المعنى: فاسألْ ربَّك أن يُنزِّل ويُثبِّت، فافهم.
والَّذي قاله المازريُّ أقربُ إلى التَّوجيه. وقوله: / «ما أبقينا»، في محلِّ النصب على أنَّه مفعول لقوله: «فاغفر»، وقوله: «فداء لك»، جملة معترضةٌ، ولفظ: «أبقينا»، من الإبقاء _بالباء الموحدة والقاف_ في رواية الأصيلي والنَّسفي، ومعناه: ما خلفنا وراءنا مما اكتسبناه من الآثام، أو ما أبقينا وراءنا من الذنوب فلم نتب منه، وفي رواية الأكثرين: <ما اتّقينا> من الاتقاء _بتشديد المثناة الفوقية وبالقاف_، ومعناه ما تركناه من الأوامر. وفي رواية القابسي: <ما لَقِينا> بفتح اللام وكسر القاف، من اللِّقاء، ومعناه: ما وجدنا من المناهي.
ووقع في رواية قُتيبة عن حاتم بن إسماعيل، كما سيأتي في الأدب [خ¦6148]: ((ما اقتفينا)) من الاقتفاء _بالقاف والفاء_؛ أي: ما تبعنَا من الخطايا من قَفَوت الأثر: إذا اتَّبعته، وكذا في رواية مسلم عن قتيبة وهي أشهر الرِّوايات في هذا الرَّجز.
(وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا) وقوله: ((وألقين)) أمر مؤكَّد بالنون الخفيفة، و((سكينة)) مفعوله، وفي رواية النَّسفي: <وألق السَّكينة> بحذف النون وبالألف واللام في السَّكينة. قال الحافظُ العسقلاني: وهو موزون إلَّا أنَّ الجزء الأخير مخبولٌ (2)، وفيه نظر لا يخفى.
(إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا) بمثناة، من الإتيان؛ أي: جئنا؛ أي: إذا دُعينا للقتال، أو إلى الحقِّ جئنا، ورُوي بالموحدة. قال الحافظُ العسقلاني: كذا رأيت في نسخة النَّسفي، فإن كانت ثابتة فالمعنى: إذا دُعينا إلى غير الحقِّ أبينا؛ أي: امتنعنا.
(وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا) أي: بالصَّوت العالي قصدُونا واستغاثوا علينا، يُقال: عوَّلت على فلان وعوَّلت بفلان استغثتُ به. وقال الكرمانيُّ: يُقال: عوَّلت عليه إذا حملتُ عليه، أو غلبت عليه. وقال الخطَّابي: المعنى أجلبوا علينا بالصَّوت، وهو من العويل.
وتعقَّبه ابن التِّين بأن عوَّلوا بالتَّثقيل من التَّعويل، ولو كان من العويل لكان أعولوا. ووقع عند أحمد في رواية إياس بن سلمة عن أبيهِ في هذا الرَّجز من الزِّيادة قوله:
إن الَّذين قد بغوا علينا.
إذا أرادوا فتنة أبينا.
ونحن عن فضلك ما استغينا /
وهذا القسم الأخير عند مسلم أيضًا.
(فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلعم : مَنْ هَذَا السَّائِقُ) أي: مَن ذا الَّذي يسوق الإبل ويحدو. وفي رواية أحمد: ((فجعل عامر يرتجزُ ويسوقُ الرِّكاب)) وهذه كانت عادتهم إذا أرادوا تنشيطَ الإبل في السير ينزل بعضُهم فيسُوقها، ويحدو في تلك الحال.
(قَالُوا: عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ) يعني: عم سلمة (قَالَ) أي: النَّبي صلعم (يَرْحَمُهُ اللَّهُ) ويُروى: < ☼ > وفي رواية إياس بن سلمة: ((فقال: غفرَ لك ربُّك، قال: وما استغفرَ رسول الله صلعم لإنسان يخصُّه إلَّا استُشهد))، وبهذه الزِّيادة يظهرُ السرُّ في قول الرَّجل: «لولا أمتعتنا به».
(فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ) وهذا الرَّجل هو عمر ☺، سمَّاه مسلم في رواية إياس بن سلمة ولفظه: ((فنادى عمرُ بن الخطَّاب ☺ وهو على جمل له: يا نبيَّ الله! لولا متَّعتنا بعامر)). وفي حديث نصر بن دَهْر عند ابنِ إسحاق: فقال عمر ☺: «وجبتْ يا نبي الله».
(وَجَبَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ) أي: وجبت الجنَّة له ببركةِ دُعائك له، وقيل: وجبتْ له الشَّهادة بدُعائك. وقوله: (لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِهِ) أي: هلَّا متَّعتنا بالدُّعاء؛ أي: ليتك أشركتَنا فيه على أنَّ المعنى وجبتْ له الجنة، وكذا الشَّهادة، أو هلا متَّعتنا بعامر؛ أي: ليتك أبقيتَه وتركته لنا لنتمتَّع به؛ يعنِي بشجاعتهِ، على أنَّ المعنى وجبت له الشَّهادة. قال ابنُ عبد البر: كانوا قد عرفوا أنَّ رسولَ الله صلعم ما استغفرَ لإنسان قط يخُصُّه بالاستغفار إلَّا استُشهد، فلمَّا سمع عمر ☺ ذلك قال: يا رسول الله! لو متَّعتنا بعامر، فبارز يومئذٍ مَرْحَبًا _بفتح الميم والمهملة وسكون الراء وبالموحدة_ اليهودي فاختلفا ضربتين، فرجعَ سيف عامر على ساقه فقطعَ أكحلَه فمات منها ☺، ويُروى: <لولا متَّعتنا به> من التَّمتع، وهو التَّرفه إلى مدَّة، ومنه يُقال في الدُّعاء: متَّعني الله بك؛ أي: ببقائك.
(فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ) أي: أهل خيبر (فَحَاصَرْنَاهُمْ) ويُروى: / <فحصرناهم>. وذكر ابنُ إسحاق أنَّ أوَّل حصون خيبر فتحًا حصن ناعمٌ، وعنده قُتل محمود بن سلمة أُلقيتُ عليه رحى منه، فقتلتَه، ثمَّ انتقلوا إلى غيره (حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ) بفتح الميمين بينهما خاء معجمة ثمَّ مهملة؛ أي: مجاعة (شَدِيدَةٌ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَتَحَهَا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ مَسَاءَ الْيَوْمِ الَّذِي فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ، أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : مَا هَذِهِ النِّيرَانُ؟ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقِدُونَ؟ قَالُوا: عَلَى لَحْمٍ) أي: نوقد النِّيران على لحم (قَالَ: عَلَى أَيِّ لَحْمٍ) أي: على أيِّ لحمٍ من أنواع اللُّحوم (قَالُوا: عَلَى لَحْمِ حُمُرِ الإِنْسِيَّةِ) ويُروى: <لَحْمُ الحُمُرِ الإنسيَّة> بدون: «على»، فيجوز فيه الرفع والنَّصب، فالرفع على أنَّه خبر مبتدأ محذوفٍ، تقديره: هو لحمُ الحُمَر، والنَّصب بنزعِ الخافض والتَّقدير: على لحم الحُمُر.
والحُمُر _بضمتين_ جمع حمار. والإِنْسِيَّة _بكسر الهمزة وسكون النون وتشديد الياء_: نسبة إلى الإنس، ومعناه: الحُمُر الأهلية. ويروى: <الأَنَسية> بفتح الهمزة والنون. وفي «المطالع»: الأَنَسية _بفتح الهمزة والنون_، كذا ذكره البخاري عن ابنِ أبي أويس. وكذا ضُبِطَ عن الشَّيخ أبي بحر في مسلم. وكذا قيَّده الأصيلي وابن السَّكن وأبو ذرٍّ، وأكثر روايَّات الشُّيوخ فيه بكسر الهمزة وسكون النون وكلاهما صحيحٌ، فإن الأَنَس _بفتحتين_ والإنس _بكسر الهمزة وسكون النون_ بمعنى الناس (فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : أَهْرِيقُوهَا) أي: أريقوها والهاء فيه زائدةٌ، ويُروى: بدون الهمزة <هريقوها>.
(وَاكْسِرُوهَا) وقد تقدَّم في المظالم [خ¦2477] قال: «اكسروها وأهرقوها» (فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْ نُهَرِيقُهَا) بأو العاطفة وسكون الهاء وفتحها وحذفها (وَنَغْسِلُهَا) وفي المظالم: «قالوا: ألا نُهَريقها، ونغسلُها قال: اغسلُوا» (قَالَ: أَوْ ذَاكَ) أي: أو الغسل، وقد مرَّ الكلام فيه في المظالم [خ¦2477].
(فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ قَصِيرًا، فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ يَهُودِيٍّ) وفي رواية إياس بن سلمة: / ((فلمَّا قدمنا خيبرَ خرجَ ملكهم مَرْحب يَخْطرُ بسيفه، يقول:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ
إِذَا الحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ))
قال: فبرزَ له عامر فقال:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرُ شَاكِي السِّلَاحَ بَطَلٌ مُغَامِرُ
فاختلفا ضربتين، فوقعَ سيف مَرْحب في تُرس عامر، فذهب عامر يَسْفُلُ له؛ أي: يضربه من أسفل فرجعَ سيفه؛ أي: سيف عامر على نفسهِ.
(لِيَضْرِبَهُ، وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ) وهو طرفه الَّذي يضرب به، وقيل: ذُبَاب السَّيف: حدَّه، وقيل: أعلاه (فَأَصَابَ عَيْنَ رُكْبَةِ عَامِرٍ) أي: رأس ركبتهِ وطرفه الأعلى (فَمَاتَ مِنْهُ) وفي رواية يحيى القطان: ((فأُصيب عامرٌ بسيف نفسهِ فمات))، وفي رواية ابن إسحاق: ((فكَلَمه كَلْمًا شديدًا فمات منه)).
(قَالَ: فَلَمَّا قَفَلُوا) أي: رجعوا (مِنْ خَيْبَرَ قَالَ سَلَمَةُ: رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صلعم وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِي) هكذا في رواية الكُشميهني بالباء الموحدة، وفي رواية غيره: <يدي> بدون الباء، وفي رواية قتيبة: ((رآني رسولُ الله صلعم شاحبًا)) بمعجمة ثمَّ مهملة وموحدة؛ أي: متغيِّر اللَّون، وفي رواية إياس: ((فأتيت النَّبي صلعم وأنا أبكي)).
(قَالَ: مَا لَكَ. قُلْتُ لَهُ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ) وفي رواية إياس: ((بطل عملُ عامر)) قتل نفسَه، وسمَّى من القائلين أُسيد بن حُضير في رواية قتيبة الآتية في الأدب [خ¦6148]، وعند ابن إسحاق: فكأنَّ المسلمين شَكُّوا فيه، وقالوا: إنما قتلَه سلاحُه، ونحوه عند مسلم من وجه آخر عن سلمة.
(قَالَ النَّبِيُّ صلعم : كَذَبَ مَنْ قَالَهُ) أي: أخطأَ (إِنَّ لَهُ لَأَجْرَيْنِ) وهما أجر الجهدِ في الطَّاعة وأجرُ المجاهدة في سبيل الله، كما سيفسِّره رسول الله صلعم ، واللام فيه للتَّأكيد. وهذه رواية الكُشميهني، وكذا في رواية قتيبة، وفي رواية آخرين: بدون اللام، وعند ابن إسحاق: إنَّه لشهيد، وصلى عليه.
(وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ) كذا للأكثر باسم الفاعل فيهما، والأوَّل من جهد، والثاني من جاهد خبر بعد خبر، والأوَّل مرفوعٌ على الخبر، والثاني اتِّباع / للتَّأكيد، كما يُقال: جاد مجد، وليل لائل، وشعر شاعر، قاله القاضي عياض. وفي رواية أبي ذرٍّ عن الحمويي والمستملي: <لجاهَدَ مجاهِدّ> بلفظ الماضي فيهما، وكذا ضبطه الباجي. وقال القاضي عياض: والأوَّل هو الوجه. ويؤيِّده رواية أبي داود من وجه آخر عن سلمة: ((مات جاهدًا مجاهدًا)). قال ابنُ دُريد: رجلٌ جاهِد؛ أي: جاد في أموره. وقال ابنُ التِّين: الجاهدُ من يرتكبُ المشقَّة والمجاهد [أي] لأعداءِ الله تعالى.
(قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ) كذا في هذه الرِّواية: «مشى»، بلفظ الماضي من المشي، وقوله: «بها»؛ أي: بالأرض، أو بالمدينة، أو بالحرب، أو بهذه الخصلة الحميدة الَّتي هي الجهادُ مع الجهد؛ أي: الجد.
(حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ) قال: (حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، قَالَ: نَشَأَ بِهَا) بالنون وبالهمزة في آخره؛ أي: شبَّ وكبر يعني: أنَّ قتيبة رواه عن حاتم بن إسماعيل بهذا الإسناد فخالف في هذه اللَّفظة، وروايته موصولة في الأدب عنده [خ¦6148]، وغفل الكُشميهني فرواها هنالك: بالميم والقصر.
وحكى السُّهيلي أنَّه وقع في رواية <مشابهًا> بضم الميم اسم فاعل من المشابهة (3)، وحاصل معناه: أنَّه ليس له مشابه في صفات الكمال في القتالِ، وانتصابه على الحال أو بفعلٍ محذوفٍ والتَّقدير: قلَّ عربي رأيته مشابهًا.
وقال السُّهيلي: وروي: ((قلَّ عربيًا نشأ بها مثلُه)) قال: والفاعل مثلُه، وعربيًا منصوب على التَّمييز؛ لأنَّ في الكلام معنى المدح، فهو على حدِّ قولهم: عَظُم زيد رجلًا، وقُلَّ زيد أدبًا.
ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرةٌ.
وقد مضى الحديث مختصرًا في المظالم، في باب هل تُكسر الدِّنان الَّتي فيها الخمر [خ¦2477].
[1] إلا أنه بنفس لفظ الحديث يحرر.
[2] لفظ الفتح: وليس بموزون.
[3] كذا في العمدة. وفي فتح الباري: الشبه.