نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: نظر أنس إلى الناس يوم الجمعة فرأى طيالسة

          4208- (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْخُزَاعِيُّ) بضم الخاء المعجمة وتخفيف الزاي وبالمهملة، هو: ابنُ سعيد بن الوليد، أبو بكر البصري، روى عنه البخاري هنا مفردًا، وفي الجهاد [خ¦2805] مقرونًا، وليس له في البخاريِّ إلَّا في هذين الموضعين، وهو ثقةٌ من أقران أحمد (حَدَّثَنَا زِيَادُ) بكسر الزاي وتخفيف المثناة التحتية (ابْنُ الرَّبِيعِ) / بفتح الراء وكسر الموحدة، أبو خِدَاش _بكسر الخاء المعجمة وتخفيف الدال المهملة وآخره شين معجمة_ اليَحْمَدي _بفتح التحتانية والميم بينهما مهملة ساكنة_ الأزدي البصري، وثَّقه أحمدُ وغيره، ونقل ابنُ عدي عن البخاري أنَّه قال: فيه نظرٌ. وقال ابنُ عدي: وما أرى برواياتهِ بأسًا، وهو من أفراد البخاريِّ، وليس له في البخاريِّ إلَّا هذا الحديث، مات سنة خمس وثمانين ومائة.
          (عَنْ أَبِي عِمْرَانَ) هو: عبدُ الملك بن حبيب الجَوْني _بفتح الجيم وسكون الواو وبالنون_، نسبة إلى بني الجَوْن بن عوف بن مالك بن فَهم بن غَنم بن دوس، وهم بطنٌ من الأزد، كذا جزمَ به الرُّشاطي عن أبي عبيد أنَّ أبا عمران من هذا البطن. وجزم الحازمي أنَّه من بني الجَون بطنٌ من كندة، ولم يسق نسبه. وقد ساقه الرُّشاطي، فقال: الجَون، واسمه: معاوية بن حُجْر بن عَمرو بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور.
          (قَالَ) أي: أنَّه قال (نَظَرَ أَنَسٌ ☺ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَرَأَى طَيَالِسَةً) أي: عليهم، والطَّيالسة جمع طَيْلَسان _بفتح اللام_ والهاء في الجمع للعجمة؛ لأنَّه فارسي مُعَرَّب. وقال الجوهريُّ: والعامة تقول بكسر اللام.
          (فَقَالَ: كَأَنَّهُمُ) أي: كأن هؤلاء الناس الَّذين رأى عليهم الطَّيَالسة (السَّاعَةَ يَهُودُ خَيْبَرَ) وهذا إنكار عليهم؛ لأنَّ التَّشبه بهم ممنوعٌ، وأدنى الدرجات فيه الكراهة، وقد روى ابنُ خُزيمة وأبو نُعَيم من رواية محمد بن بزيع، عن زياد بن الرَّبيع: أنَّ أنسًا ☺ قال: ما شبَّهت الناس اليوم في المسجد وكثرة الطَّيَالسة إلَّا بيهود خيبر.
          وقال الحافظُ العسقلاني: والَّذي يظهرُ أنَّ يهود خيبر كانوا يُكثرون من لبس الطَّيَالسة، وكان غيرهم من الناس الَّذين شاهدهم لا يُكثرون منها، فلمَّا قدم البصرة رآهم يُكثرون من لبس الطَّيَالسة، ولا يلزم من هذا كراهية لبس الطَّيَالسة.
          وتعقَّبه العيني بأنَّا لا نُسلِّم ذلك، فإنَّه إذا لم يُفهم منه الكراهة فما فائدةُ تشبيههِ إيَّاهم باليهود في استعمالهم الطَّيَالسة.
          وقال الحافظُ العسقلاني أيضًا: وقيل إنما أنكرَ ألوانها؛ لأنَّها كانت صفرًا. وتعقَّبه العيني أيضًا حيث قال: من هو قائل / هذا من العلماء حتَّى يعتمدَ عليه؟ ومن قال: إنَّ اليهود في ذلك الزَّمان كانوا يستعملون الصفر من الطَّيَالسة أو غيرها؟ ولئن سلَّمنا أنَّها كانت صفراء، فلم يكن تشبيه أنس ☺ لأجل اللَّون، وقد روى الطَّبراني عن أنس ☺ قال: ((كانت للنَّبي صلعم ملحفة مصبوغة بالوَرْس والزَّعفران يدور بها على نسائهِ، فإن كانت ليلة هذه رشَّها بالماء)). وقد روى الطَّبراني أيضًا من حديث أمِّ سلمة ♦ قالت: ((ربما صبغَ رسول الله صلعم رداءَهُ وإزارَهُ بزعفران أو وَرْس ثمَّ يخرج فيهما)).
          ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: ((يهود خيبر)).