نجاح القاري لصحيح البخاري

باب غزوة خيبر

          ░38▒ (باب غَزْوَةُ خَيْبَرَ) بمعجمة وتحتانية وموحدة، بوزن جعفر، وهي مدينةٌ كبيرةٌ ذات حصون ومزارع على ثمانية بُرُد من المدينة إلى جهة الشَّام. وقال الكرمانيُّ: نحو أربع مراحل من المدينة، وذكر أبو عُبيد البَكري أنَّها سُمِّيت باسم رجلٍ من العمالقة نزلها.
          قال ابنُ إسحاق: ((خرج النَّبيُّ صلعم في بقيَّة المحرم سنة سبعٍ، فأقام يُحاصرها بضعَ عشرة ليلة إلى أن فتحها في صفر. وروى يونس بنُ بُكير في «المغازي» عن ابن إسحاق في حديث المِسْور ومروان قالا: انصرفَ رسول الله صلعم من الحُديبية، فنزلت عليه سورة الفتح فيما بين مكة والمدينة، فأعطاهُ الله فيها خيبر بقوله: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} [الفتح:20] يعني: خيبر، فقدم المدينة في ذي الحجَّة فأقام بها حتَّى سار إلى خيبر في المحرم)).
          وذكر موسى بن عقبة في «المغازي» عن ابن شهاب: أنَّه صلعم أقام بالمدينة عشرين ليلة أو نحوها، ثمَّ خرج إلى خيبر.
          وعند ابنِ عائذ من حديث ابن عبَّاس ☻ : أقامَ بعد الرُّجوع من الحُديبية عشر ليالٍ، وفي «مغازي» سليمان التَّيمي: أقام خمسة عشر يومًا.
          وحكى ابن التِّين عن ابنِ الحَصَّار أنَّها كانت في آخر سنة ستٍّ، وهذا منقولٌ عن مالك، وبه جزم ابنُ حزم.
          قال الحافظُ العسقلاني: وهذه الأقوال متقاربة، والرَّاجح منها ما ذكره ابنُ إسحاق، ويُمكنُ الجمع بأنَّ من أطلقَ سنة ستٍّ / بناه على أنَّ ابتداء السنة من شهر الهجرة الحقيقي، وهو ربيعٌ الأول، وأمَّا ما ذكره الحاكم عن الواقديِّ، وكذا ذكره ابن سعد أنَّها كانت في جمادى الأولى، فالَّذي رأيته في «المغازي» للواقدي أنَّها كانت في صفر، وقيل: في ربيع الأول.
          وأغرب من ذلك ما أخرجه ابنُ سعد وابن أبي شيبة من حديث أبي سعيد الخدريِّ ☺ قال: خرجنا مع النَّبي صلعم إلى خيبر لثمان عشرة من رمضان الحديث، وإسناده حسنٌ إلَّا أنَّه خطأ، ولعلَّها كانت إلى حُنين فتصحَّفت.
          وتوجيهُه بأنَّ غزوة حُنين كانت ناشئةً عن غزوة الفتح، وغزوةُ الفتح خرجَ النَّبي صلعم فيها في رمضان جزمًا، والله تعالى أعلم.
          وذكر ابنُ هشام أنَّه صلعم استعملَ على المدينة نُمَيلة بن عبد الله اللَّيثي، وعند أحمد والحاكم من حديث أبي هريرة ☺ أنَّه سِبَاع بن عُرْفُطة، وهو أصح.