شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب صلاة الإمام ودعائه لصاحب الصدقة

          ░64▒ باب: صَلاةِ الإمَامِ وَدُعَائِهِ لِصَاحِبِ الصَّدَقَةِ.
          وَقَوْلِهِ تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} إلى قوله: {سَكَنٌ لَهُمْ}(1)[التوبة:103]
          فيه: ابْنُ أبي أَوْفَى، قَالَ(2): (كَانَ النَّبيُّ صلعم إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ قَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ على آلِ فُلانٍ، فَأَتَاهُ أبي بِصَدَقَتِهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ على آلِ أبي أَوْفَى). [خ¦1497]
          قال أهل الظَّاهر: إذا أخذ(3) الإمام الصَّدقة من صاحبها وجب له(4) أن يدعو له، وقال جميع العلماء(5): إنَّ ذلك غير واجب، واحتجَّ أهل الظَّاهر بقوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}[التوبة:103]قالوا: والأمر يقتضي الوجوب، والنَّبيُّ صلعم قد دعا لآل أبي أوفى، وفعله ممتثلٌ، والاقتداء به واجبٌ.
          قال ابن القصَّار: حجَّة(6) الجماعة أنَّه لا يخلو أن يكون الأمر(7) إذا لم يدعُ له أن تجزئه الزَّكاة أم لا؟ فإن قالوا: لا تجزئه(8) دلَّلنا بقوله تعالى: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} وهذا قد أعطاها، فإن(9) قالوا: تجزئه، دلَّلنا أنَّ الإمام لا يجب عليه شيء، بقوله ◙: ((خُذِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغنِيائِهِم ورُدَّها في فُقَرَائِهِم))، ولم يقل: ادع لهم، ولو كان مأمورًا بالدُّعاء لذكره، ليعلِّم كما علَّمنا وجوب الزَّكاة، ولأمر به السُّعاة، ولم ينقل أحد أنَّه أمرهم بذلك.
          وأمَّا قوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ(10)} فإنَّما أراد إذا ماتوا، هكذا يقتضي إطلاق الصَّلاة في الشَّريعة، ولو ثبت أنَّه أراد الدُّعاء لكان خصوصًا للنَّبيِّ ◙ بقوله(11) تعالى: {إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} فلا(12) يعلم هذا في غير النَّبيِّ، ويجوز أن يحمل على الاستحباب بدليل أنَّ كلَّ حقٍّ لله أو للآدميِّين استوفاه الإمام فلا يجب عليه(13) الدُّعاء لمن استوفاه منه كالحدود والكفَّارات والدُّيون.


[1] في (م): ((خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ)).
[2] قوله: ((قال)) ليس في (م).
[3] قوله: ((أخذ)) ليس في (م).
[4] في (م): ((عليه)).
[5] في (م): ((الفقهاء)).
[6] في (م): ((وحجة)).
[7] في (م): ((لا يخلو الأمر أين يكون)).
[8] قوله: ((تجزيه)) ليس في (م).
[9] في (م): ((وإن)).
[10] في (م): ((وصل عليهم.. الآية)).
[11] في (م): ((لقوله)).
[12] في (م): ((فلا)).
[13] قوله: ((عليه)) ليس في (م).