شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب مثل المتصدق والبخيل

          ░28▒ باب: مثلُ البَخِيلِ وَالمتَصَدِّق.
          فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ(1) النبيُّ صلعم: (مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُتَصَدِّقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ مِنْ ثُدِيِّهِمَا إلى تَرَاقِيهِمَا، فَأَمَّا الْمُنْفِقُ(2) فَلا يُنْفِقُ إِلا سَبَغَتْ أَوْ وَفَرَتْ على جِلْدِهِ، حَتَّى تُخْفِيَ بَنَانَهُ وَتَعْفي(3) أَثَرَهُ، وَأَمَّا الْبَخِيلُ فَلا يُرِيدُ أَنْ يُنْفِقَ شَيْئًا إِلا لَزِقَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ إلى(4) مَكَانِهَا، فَهُوَ يُوَسِّعُهَا فَلا تَتَّسِعُ). [خ¦1443] [خ¦1444]
          قال المُهَلَّب: فيه أنَّ الله تعالى ينمي مال المتصدِّق، ويستره ببركة نفقته بالنَّماء في ماله، ألا ترى ضربه ◙ المثل بالجبَّتين، فإنَّ(5) المنفق يستره الله بنفقته من فرقه(6) إلى قدمه، وجميع عوراته بالفعل في الدُّنيا وبالأجر في الآخرة، فماله لا يشتد عليه، وأمَّا البخيل فيظنُّ أنَّ ستره(7) في إمساك ماله، فمالُه لا يمتدُّ عليه فلا(8) يستر من عوراته شيئًا حتَّى تبدو للنَّاس فيبقى منكشفًا كمن يلبس جبَّةً تبلغ إلى ثدييه، ولا تجاوز قلبه(9) الَّذي يأمره بالإمساك، فهو يُفتضح في الدُّنيا، ويُؤزر في الآخرة.


[1] قوله: ((قال)) ليس في (م).
[2] قوله: ((فأما المنفق)) ليس في (م).
[3] في (م): ((وتعفو)).
[4] قوله: ((إلى)) ليس في (م).
[5] في (م): ((وأن)).
[6] في (م): ((من قرنه)).
[7] في (م): ((في الآخرة والبخيل يطن أن يستره))، وفي (ص): ((وأما البخيل بنظر أن يستره)).
[8] في (م): ((ولا)).
[9] في (م): ((قلب)).