شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب العشر فيما يسقى من ماء السماء وبالماء الجاري

          ░55▒ باب: الْعُشْرِ فِيمَا سُقِيَ مِن السَّمَاءِ(1) وَالْمَاءِ الْجَارِي وَلَمْ يَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ في الْعَسَلِ شَيْئًا.
          فيه: ابْن عُمَر: قَالَ(2) صلعم: (فِيمَا سَقَتِ(3) الْعُيُونُ، وَكَانَ عَثَرِيًَّا الْعُشْرُ، وَمَا(4) سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ). [خ¦1483]
          قال أبو عبيد: العثريُّ والعَذْي(5) ما سقت(6) السَّماء، وما سقته الأنهار والعيون فهو سَيحٌ وغَيلٌ، والبَعل: ما شرب بعروقه من الأرض من غير سقي سماءٍ ولا غيرها، والنَّضح ما سُقي بالسَّواقي، وقال غيره(7): وأجمع العلماء على القول بظاهر هذا(8) الحديث في المقدار المأخوذ، وذلك العشر في البعل وفيما سقت العيون والأنهار(9) لأنَّ المؤنة فيه قليلةٌ، وما سُقي بالدَّلو فنصف العشر في الحبوب والثِّمار الَّتي تجب فيها الزَّكاة على ما نذكره، إن شاء الله، فأمَّا مقدار المأخوذ منه فهو في قوله ◙: ((لَيسَ فِيمَا دُونَ خَمسَةِ أوسُقٍ صَدَقةٌ)).
          واتَّفق جمهور العلماء بالحجاز والعراق والشَّام على أنَّ التَّأويل عندهم في قوله ◙: ((فِيمَا سَقَتِ السَّماءُ والعُيونُ العُشرُ، وفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضحِ نِصفُ العُشرِ)) إذا كان الَّذي سقته السَّماء خمسة أوسقٍ، وهو مثل قوله: ((في الرِّقةِ(10) رُبُعُ العُشرِ)) مع قوله: ((لَيسَ فِيمَا دُونَ خَمسِ أواقٍ صَدَقةٌ))، لأنَّا نقضي(11) بالخاصِّ على العامِّ، والعامُّ قوله: ((فِيمَا سَقَتِ السَّماءُ العُشرُ))، وقوله(12): ((فِي الرِّقةِ(13) رُبُعُ العُشرِ)). والخاصُّ قوله ◙: ((لَيسَ فِيمَا دُونَ خَمسِ(14) أوسُقٍ صَدَقةٌ ولَيسَ فِيمَا دُونَ خَمسِ أواقٍ صَدَقةٌ)). هذا قول مالك والثَّوريِّ والأوزاعيِّ واللَّيث وأبي(15) يوسف ومحمَّد والشَّافعيِّ وأحمد وإسحاق وأبي ثورٍ، وقال النَّخَعِيُّ وأبو حنيفة وزفر: الزَّكاة في كلِّ ما أخرجت(16) الأرض من قليل ذلك وكثيره العشر أو نصف العشر، ولم يعتبروا خمسة أوسقٍ في مقدار المأخوذ منه، وهذا خلاف السُّنَّة والعلماء، وقد تناقض أبو حنيفة في هذه المسألة لأنَّه استعمل(17) المجمل والمفسَّر في قوله ◙: ((في الرِّقةِ رُبُعُ العُشرِ)) مع قوله: ((لَيسَ فِيمَا دُونَ خَمسِ أواقٍ صَدَقةٌ)) ولم يستعمله في قوله ◙: ((فِيمَا سَقَتِ السَّماءُ العُشرُ)) مع قوله: ((لَيسَ فِيمَا دُونَ خَمسِ(18) أوسُقٍ صَدَقةٌ)) وكان يلزمه القول به.
          ولا زكاة في العسل عند مالك والشَّافعيِّ، وهو مذهب ابن عمر، وقال أبو حنيفة: فيه العشر، وقال(19) ابن المنذر: وليس(20) في وجوب الزَّكاة فيه خبر ثبت(21) عن النَّبيِّ صلعم ولا إجماع، فلا زكاة فيه(22).


[1] في (م): ((فيما يسقى من ماء السماء)).
[2] زاد في (م): ((النبي)).
[3] زاد في (م): ((السماء و)).
[4] في (م): ((وفيما)).
[5] في (م): ((والعذري)).
[6] في (م): ((سقته)).
[7] قوله: ((وقال غيره)) ليس في (م).
[8] في (م): ((القول بهذا)).
[9] في (م): ((وفيما سقته العيون والأنهار)).
[10] في (م): ((الرقية)).
[11] في (م): ((لأنهم يقضون)).
[12] قوله: ((وقوله)) ليس في (م).
[13] في (م): ((وفي الرقية)).
[14] في (م): ((خمسة)).
[15] في (م): ((وأبو)).
[16] في (م): ((أخرجته)).
[17] في (م): ((المسألة فاستعمل)).
[18] في (م): ((خمسة)).
[19] في (م): ((قال)).
[20] في (م): ((ليس)).
[21] في (م): ((يثبت)).
[22] قوله: ((والقاسم بن محمَّد والحسن البصريُّ....... ولا إجماع، فلا زكاة فيه)) الورقة ليست في المخطوط (ص).