شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: قدر كم يعطى من الزكاة والصدقة ومن أعطى شاة

          ░31▒ باب: قَدْرُ كَمْ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَنْ أَعْطَى شَاةً.
          فيه: أُمُّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: (بُعِثَ إلى نُسَيْبَةَ الأنْصَارِيَّةِ بِشَاةٍ، فَأَرْسَلَتْ إلى عَائِشَةَ مِنْهَا، فَقَالَ النَّبيُّ صلعم: هَلْ(1) عِنْدَكُمْ شَيْءٌ، قالَتْ(2): لا، إِلَّا مَا(3) أَرْسَلَتْ بِهِ نُسَيْبَةُ مِنْ ذلكَ(4) الشَّاةِ، فَقَالَ: هَاتِ، فَقَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا). [خ¦1446]
          اختلف العلماء في قدر ما يجوز أن يعطى الإنسان من الزَّكاة، فذكر ابن القصَّار عن مالك أنَّه قال: يُعطي(5) الفقير من الزَّكاة قدر كفايته وكفاية عياله، ولم يبيِّن مقدار ذلك لمدَّةٍ معلومةٍ. وعندي أنَّه يجوز أن(6) يعطيه ما يغنيه حتَّى يجب عليه ما(7) يزكِّي.
          قال المُهَلَّب(8): قد بيَّن المدَّة في رواية عليٍّ وابن نافع في(9) «المجموعة»، قال مالك: يُعطي(10) الفقير قوت سنته(11)، ثمَّ يزيده للكسوة بقدر ما يرى من حاجته.
          وقال أبو حنيفة: كره(12) أن يُعطى إنسان واحد من الزَّكاة مائتا(13) درهم، فإن أعطيته أجزأك.
          وقال المغيرة: لا بأس أن يعطيه(14) من الزَّكاة أقلَّ ممَّا تجب منه(15) الزَّكاة، ولا يُعطى ما تجب فيه الزَّكاة. وقال الثَّوريُّ وأحمد(16): لا يُعطى الرَّجل من الزَّكاة أكثر من خمسين درهمًا إلَّا أن يكون غارمًا(17).
          وقال الشَّافعيُّ: يُعطى من الزَّكاة حتَّى يغنى، ويزول عنه اسم المسكنة، ولا بأس أن يُعطى الفقير الألف، وأكثر من ذلك لأنَّه لا تجب عليه الزَّكاة إلَّا بمرور الحول. وهو قول أبي ثور.
          وقال ابن حبيب: لا بأس أن يعطي من(18) زكاة غنمه للرَّجل شاة(19) ولأهل البيت الشَّاتين والثَّلاث، وإذا كثرت الحاجة فلا بأس أن يجمع النَّفر في الشَّاة.
          وقوله ◙: (هَاتِ، فَقَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا) أي قد صارت حلالًا بانتقالها من باب الصَّدقة إلى باب الهدية، وهذا(20) مثل قوله في لحم بَرِيرة الَّذي(21) أهدته لعائشة: ((هُوَ عَلَيها صَدَقَةٌ، وَلَنا هَدِيَّةٌ)). وقد ترجم لهذا الحديث(22) بعد هذا: باب إذا تحولَّت الصَّدقة.


[1] قوله: ((هل)) ليس في (م).
[2] في (م): ((فقالت)).
[3] قوله: ((ما)) ليس في (م).
[4] في المطبوع: ((تلك)).
[5] في (م): ((يعطى)).
[6] قوله: ((يجوز أن)) ليس في (ص).
[7] في (م): ((أن)).
[8] في (م): ((المؤلف)).
[9] في (م): ((عنه)).
[10] في (م): ((يعطى)).
[11] في (م): ((سنة)).
[12] قوله: ((كره)) ليس في (ز) و(ص) وهي مثبتة من (م).
[13] في (م): ((يعطي إنسان واحد من الزكاة مائتي درهم)).
[14] في (م): ((يعطي الرجل)).
[15] في (م): ((فيه)).
[16] زاد في (م): ((بن حنبل)).
[17] قوله: ((وقال أبو حنيفة: كره أن يُعطى...... إلا أن يكون غارمًا)) أتى في (م) بعد قوله الآتي: ((لأنه لا تجب عليه الزكاة إلا بمرور الحول. وهو قول أبي ثور)).
[18] قوله: ((من)) ليس في (م).
[19] في (م): ((للواحد الشاة)).
[20] في (م): ((وهو)).
[21] في (ص): ((التي)).
[22] في (ز) و(ص): ((الباب)) والمثبت من (م).