شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب صدقة العلانية

          ░12▒ باب: صَدَقَةِ الْعَلانِيَةِ. وقوله تعالى(1): {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًَّا وَعَلانِيَةً}[البقرة:274]
          اختلفَ العلماءُ في المعنى الَّذي نزلت فيه هذه الآية، فروى مجاهد عن ابن عبَّاس: أنَّها نزلت في عليِّ بن أبي طالب كانَتْ معه أربعة دراهم، فأنفق باللَّيلِ درهمًا وبالنَّهار درهمًا، وسرًّا درهمًا وعلانيةً درهمًا.
          وقال الأوزاعيُّ: نزلت في الَّذين يرتبطون الخيل خاصَّةً في سبيلِ الله، ينفقون عليها باللَّيلِ والنَّهارِ. ورُوي عن قَتادَة قولٌ ثالثٌ: أنَّها نزلت فيمن أنفق ماله في سبيل الله، لقول الرَّسول صلعم(2): ((إنَّ المُكْثِرِينَ هُمُ الأَقَلُّونَ يَومَ القِيَامَةِ إلَّا مَنْ قَالَ بِالمَالِ هَكَذا عَنْ يَمِينَهِ وَشِمَالِهِ(3)، وَقَلِيلٌ مَا هُمْ)) هؤلاءِ قومٌ أنفقوا أموالهم(4) في سبيل الله الَّذي افترضَ وارتضَى من(5) غير سرفٍ ولا إملاقٍ ولا تبذيرٍ ولا فسادٍ.
          ولا خلاف بين أئمَّة العلم أنَّ إعلانَ صدقة الفريضةِ أفضلُ من إسرارها، وأنَّ إسرارِ صدقةِ(6) النَّافلة أفضل من إعلانها على ما يأتي ذكره في الباب بعد هذا إن شاء الله(7).


[1] قوله: ((وقوله تعالى)) ليس في (م).
[2] في (م): ((النبي صلعم)).
[3] في (م): ((بالمال هكذا وهكذا عن يمينه وعن شماله)).
[4] قوله: ((أموالهم)) ليس في (ص).
[5] في (م): ((في)).
[6] في (م): ((الإسرار بصدقة)).
[7] قوله: ((إن شاء الله)) ليس في (ص).