شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الرياء في الصدقة

          ░6▒ باب: الرِّياء في الصَّدقة.
          لِقَوْلِهِ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأذَى(1)}الآية[البقرة:264].
          وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صَلْدًا لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ.
          والرِّياء يبطل الصَّدقة وجميع الأعمال؛ لأنَّ المرائي إنَّما يعمل من أجل النَّاس ليحمدوه على عمله، فلم يحمده الله تعالى حين رضي بحمد النَّاس عوضًا عن(2) حمد الله وثوابه وراقب النَّاس دون ربِّه، ولذلك قال ◙(3) عن الله ╡: ((مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشرَكَ فيهِ غَيرِي(4) فَهُوَ لَهُ، وَأَنَا أَغنَى الشُّرَكَاءِ عِنِ الشِّركِ)). وجاء في الحديث أنَّ الرِّياءَ الشِّركُ الأصغرُ، وكذلك المنُّ والأذى يبطلان الصَّدقة لأنَّ المنَّان بها لم يتَّق الله فيها، ولا أخلصها لوجهه تعالى، ولا ينفع عمل(5) بغير نيَّةٍ لقوله ◙: ((إنَّما(6) الأَعمَالُ بِالنِّياتِ وإِنَّما لِامرِئٍ مَا نَوَى))، وكذلك المؤذي لمن تصدَّق عليه يبطل إثمُ الأذى أجرَ الصَّدقة، وقد نهى الله تعالى عن انتهار السَّائل فما فوق ذلك من الأذى أَدْخَلُ في النَّهي، والله أعلم.
          قال عبد الواحد: كان(7) ينبغي للبخاريِّ ☼(8) أن يخرج في هذا الباب قوله ◙: ((إِنَّكَ لَنْ تُنفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِها وَجهَ اللهِ إلَّا أُجِرتَ عَلَيها)) الحديثَ، فهو يشبه التَّبويب لأنَّ مَنِ ابتغى وجه الله يَسلم من(9) الرِّياء، وابتغاء غير وجه الله هو(10) عين الرِّياء.


[1] زاد في (م): ((كالذي ينفق ماله رئاء)).
[2] في (م): ((من)).
[3] في (م): ((النبي صلعم)).
[4] في (م): ((أشرك بي فيه غيري)).
[5] في (ص): ((عملًا)).
[6] قوله: ((إنما)) ليس في (م).
[7] في (م): ((والله أعلم وكان)).
[8] قوله: ((☼)) ليس في (ص).
[9] في (م): ((وجه الله فقد سلم من)).
[10] في (م): ((وجهه هو)).