شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب إنفاق المال في حقه

          ░5▒ باب: إنفاقِ المال في حقَّهِ.
          فيه: ابْنُ مَسْعُود قَالَ: سَمِعْتُ(1) النَّبيَّ صلعم يَقُولُ(2): (لا حَسَدَ إِلَّا في اثْنَتَيْنِ رَجُلٍ آتَاهُ اللهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ على هَلَكَتِهِ في الْحَقِّ، وَرَجُلٍ آتَاهُ اللهُ حِكْمَةً فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا). [خ¦1409]
          قال بعض أهل العلم(3): إنفاق المال في حقِّه ينقسم ثلاثة أقسام: فالأوَّل أن ينفق على نفسه وأهله ومن تلزمه نفقته(4) غير مقتِرٍ عمَّا(5) يجب لهم، ولا مسرِف في ذلك، كما قال تعالى(6): {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}[الفرقان:67]، وهذه النَّفقة أفضلُ من الصَّدقةِ ومن جميع النَّفقات لقوله ◙: ((إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقةً تَبتَغِي بِها وَجهَ اللهِ إلَّا أُجِرتَ عَلَيها حَتَّى اللُّقمَةَ تَضَعُها في / فِي امرَأَتِكَ)).
          وقسمٌ ثانٍ(7): وهو أداء الزَّكاة، وإخراج حقِّ الله تعالى لمن وجب له. وقيل(8): من أدَّى الزَّكاة فقد سقط عنه اسم البخل.
          وقسمٌ ثالثٌ: وهو صلة الأهل البُعداء(9) ومواساة الصَّديق، وإطعام الجائع، وصدقة التَّطوِّع كلُّها فهذه(10) مندوبٌ إليها مأجورٌ عليها لقوله ◙: ((السَّاعِي عَلَى الأَرمَلَةَ واليَتِيمِ كالمُجَاهِدِ في سَبِيلِ اللهِ)).
          فمن أنفق في هذه الوجوه الثَّلاثة فقد وضع المال(11) موضعه وأنفقه في حقِّه ووجب حسده، وكذلك من آتاه الله حكمة فعلَّمها(12) فهو وارث منزلة النُّبوَّة لأنَّه يموت ويبقى له أجر من علَّمه وعمل بعلمه إلى يوم القيامة، فينبغي لكلِّ مؤمن أن يحسد من هذه حاله، والله يؤتي فضله من يشاء.


[1] قوله: ((قال)) ليس في (م).
[2] قوله: ((يقول)) ليس في (م).
[3] قوله: ((قال بعض أهل العلم)) ليس في (م).
[4] في (م): ((النفقة عليه)).
[5] في (م): ((لما)).
[6] في (م): ((قال الله تعالى)).
[7] في (ص): ((ثاني)).
[8] في (م): ((وقد قيل)).
[9] في (م): ((البعيد)).
[10] زاد في (م): ((نفقة)).
[11] زاد في (م): ((في)).
[12] في (م): ((وعلمها)).