شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب قول الله تعالى: {وفى الرقاب} {وفى سبيل الله}

          ░49▒ باب: قَوْلِ اللهِ تعالى: {وفي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ(1) وفي سَبِيلِ اللهِ}(2).[التوبة:60] / وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يُعْتِقُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ وَيُعْطِي في الْحَجِّ.
          وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنِ اشْتَرَى أَبَاهُ مِنَ الزَّكَاةِ جَازَ وَيُعْطِي في الْمُجَاهِدِينَ، وَالَّذي لَمْ يَحُجَّ ثُمَّ تَلا: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ(3)}الآية[التوبة:60]، في أَيِّهَا أَعْطَيْتَ أَجْزَأَتْ.
          وَقَال(4) صلعم: (إِنَّ خَالِدًا احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ(5) في سَبِيلِ اللهِ)، وَيُذْكَرُ عَنْ أبي لاسٍ ((حَمَلَنَا النَّبيُّ صلعم على إِبِلِ الصَّدَقَةِ لِلْحَجِّ)).
          وفيه(6): أَبُو هُرَيْرَةَ: (أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلعم بِالصَّدَقَةِ(7)، فَقِيلَ: مَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ النَّبيُّ صلعم: مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ فَقِيرًا فَأَغْنَاهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَأَمَّا خَالِدٌ فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا، قَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْبُدَهُ في سَبِيلِ اللهِ(8)، وَأَمَّا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَعَمُّ(9) رَسُولِ اللهِ فهِيَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ وَمِثْلُهَا مَعَهَا)(10). [خ¦1468]
          اختلف أهل العلم في(11) قوله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ} قال(12) ابن عبَّاسٍ: يجوز أن يشتري من الصَّدقة رقابًا فيعتقهم، وهو قول الحسن ومالك في «المدوَّنة»، وبه قال(13) أحمد وإسحاق وأبي ثورٍ، وقال مالك: لا(14) يشتري إلَّا مؤمنًا(15) ويكون ولاؤهم لجميع(16) المسلمين، قال: ولا يعطيها المكاتبين لأنَّ المكاتب عبد ما بقي عليه درهم، فربَّما عجز فصار عبدًا.
          وقال أبو حنيفة واللَّيث والشَّافعيُّ: لا يجزئ أن يعتق من الزَّكاة رقبة كاملة، ومعنى قول الله تعالى(17): {وَفِي الرِّقَابِ}: هم المكاتبون، وهو قول النَّخَعِيِّ، وروى ابن القاسم ومطرِّف عن مالك(18) لا بأس أن يُعطي(19) المكاتب ما تتمُّ به كتابته(20).
          واحتجَّ المخالفون لمالك بأنَّ كلَّ صنف أعطاهم الله الصَّدقة على سبيل التَّمليك، فكذلك الرِّقاب يجب أن يكون المراد به من تملَّك(21) الصَّدقة، والعبد لا يملك الصَّدقة(22) وأيضًا، فإنَّ الله ذكر الأصناف الثَّمانية وجمع بين كلِّ صنفين متقاربين في المعنى، فجمع بين الفقراء والمساكين، وجمع بين العاملين والمؤلَّفة قلوبهم(23) لأنَّهما يُستعان بهما إمَّا في جباية الصَّدقة وإمَّا في معاونة(24) المسلمين، وجمع بين ابن السَّبيل وسبيل الله لتقاربهما في المعنى وهو قطع المسافة(25)، وجمع بين الرِّقاب والغارمين، فأخذ المكاتب لغرم(26) كتابته كأخذ الغارمين للدُّيون.
          قال ابن القصَّار: والحجَّة لمالك عموم قوله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ} وإطلاق الرِّقاب يقتضي عتق الرِّقاب في كلِّ موضع أطلق ذكرها، مثل كفَّارة الظِّهار، قال تعالى(27): {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}[المجادلة:3]وكذلك في اليمين، ولم يُرد بذلك المكاتبين وإنَّما أراد العبيد، ولو أراد المكاتبين لكان يكتفي(28) بذكر الغارمين لأنَّ المكاتب غارمٌ، فهو داخل فيهم، وشراء العبد أوَّلًا(29) أولى من المكاتب لأنَّ المكاتب قد حصل له سبب العتق بمكاتبة سيِّده له، والعبد لم يحصل له سبب عتقٍ، وأيضًا فلو أعطينا المكاتب، فإن تمَّ عتقه كان الولاء لسيِّده فيحصل له المال والولاء، وإذا اشترينا عبدًا فأعتقناه كان ولاؤه للمسلمين، فكان أولى وأليق بظاهر الآية.
          قال غيره: وأمَّا قول الحسن: إن اشترى أباه من الزَّكاة جاز، فينبغي أن يجوز على أصل مالك لأنَّه(30) يجيز عتق الرِّقاب من الزَّكاة، إلَّا أنَّه(31) يكرهه لما فيه من انتفاعه بالثَّناء عليه بأنَّه ابن حرٍّ، ولا يجوز عند أبي حنيفة والشَّافعيِّ.
          واختلفوا في قوله تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللهِ} فقال مالك وأبو حنيفة والشَّافعيُّ وأبو ثورٍ وإسحاق(32): هم الغزاة، إلَّا أنَّ أبا حنيفة قال(33): لا يُعطى الغازي إلَّا أن يكون محتاجًا، وقال مالك والشَّافعيُّ: يُعطى وإن كان غنيًّا.
          وقال ابن عبَّاسٍ وابن عمر: فِي(34) سَبِيلِ اللهِ الحُجَّاج، ولا بأس أن يأخذوا من الزَّكاة. وقال محمَّد بن الحسن: من أوصى بثلث ماله في سبيل الله، فللوصيِّ أن يجعله في الحاجِّ المنقطع به. واحتجَّ(35) بأنَ رجلًا وقف ناقةً له في سبيل الله، فأرادت امرأته أن تحجَّ وتركبها، فسألت النَّبيَّ صلعم فقال: ((اركَبِيهَا فَإنَّ الحَجَّ مِنْ سَبِيلِ اللهِ)) فدلَّ أنَّ سبل الله كلَّها داخلة في عموم اللَّفظ، رواه شعبة عن إبراهيم بن مهاجر، عن أبي بكر بن عبد الرَّحمن، قال: أرسل مروان إلى أمِّ مَعْقِل(36) يسألها عن هذا الحديث، وإلى هذا ذهب البخاريُّ، ولذلك ذكر حديث أبي لاسٍ: أنَّ النَّبيَّ صلعم حملهم على إبل الصَّدقة للحجِّ. وتأوَّل قوله: (إنَّ خَالِدًا قَدِ احْتَبَسَ أَدْرعَهُ(37) وَأَعْبُدَهُ في سَبِيلِ اللهِ) أنَّه يجوز أن يدخل فيه كلُّ سبل الله: الحجُّ والجهاد وغيره، وذكر(38) قول الحسن أنَّه أجاز أن يعتق أباه من الزَّكاة، ويعطي في المجاهدين والَّذي لم يحجَّ، وتلا: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ}الآية[التوبة:60]، قال: في(39) أيَّها أعطيت أجزأت.
          قال ابن القصَّار: / وحجَّة من قال هم الغزاة، أنَّ كلَّ موضع ذُكر فيه سبيل الله، فالمراد منه الغزو والجهاد، قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا}[الصف:4]وقال: {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا(40) فِي سَبِيلِ اللهِ}[التوبة:20]، فكذلك آية الصَّدقات.
          وقال أبو عبيد: لا أعلم أحدًا أفتى بأن(41) تُصرف الزَّكاة إلى الحجِّ، وقال ابن المنذر: لا يُعطى منها في الحجِّ لأنَّ الله قد بيَّن من يُعطاها(42)، إلَّا أن يثبت حديث أبي لاسٍ، فإن ثبت وجب القول به في مثل ما جاء الحديث خاصَّةً، رواه ابن إسحاق عن محمَّد بن إبراهيم، عن عُمَر بن الحكم بن ثوبان، عن أبي لاسٍ الخُزَاعِيِّ.
          وأمَّا قول أبي حنيفة: لا يُعطى المجاهد من الزَّكاة إلَّا أن يكون محتاجًا، فهو خلاف ظاهر الكتاب والسُّنَّة، فأمَّا الكتاب فقوله تعالى: {وفِي(43) سَبِيلِ اللهِ} فإذا غزا الغنيُّ فأعطي كان ذلك في سبيل الله، وأمَّا السُّنَّة فروى عبد الرَّزَّاق عن(44) معمر، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدريِّ قال: قال رسول الله صلعم: ((لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةَ لِغَنِيٍّ إلَّا لِخَمسَةٍ: لِعَامِلٍ(45) عَلَيهَا، أَو رَجُلٍ(46) اشتَرَاها بِمَالِهِ، أَو غَارِمٍ، أَو غَازٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، أَو مِسكِينَ تُصُدِّقَ عَلَيهِ مِنهَا فَأَهدَى مِنهَا لِلغَنِيِّ(47))).
          قال المُهَلَّب: وفي حديث أبي هريرة(48) معانٍ منها: أنَّ ابن جميل كان منافقًا فمنع الزَّكاة تربُّصًا، فاستتابه الله ╡ في كتابه(49): {وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ}[التوبة:74]، فقال: استتابني ربِّي. فتاب وصلُحت حاله، وأمَّا العبَّاس فإنَّه كان استدان في مفاداة نفسه ومفاداة عقيل، فكان من الغارمين الذين لا تلزمهم الصَّدقة.
          وقال أبو عبيد في قوله: (فَإنَّها عَلَيهِ(50) وَمِثلُهَا مَعَها) نراه _والله أعلم_(51) كان أخَّر عنه(52) الصَّدقة عامين من أجل حاجة العبَّاس(53)، فإنَّه يجوز للإمام أن يؤخِّرها على وجه النَّظر ثمَّ يأخذها منه بعد، كما أخَّر عُمَر بن الخطَّاب صدقة عام الرَّمادة، فلمَّا حَييَ(54) النَّاس في العام المقبل أخذ منهم صدقة عامين.
          وأمَّا الحديث الذي يروى عن النَّبيِّ صلعم قال: ((إِنَّا قَدْ تَعَجَّلنَا مِنَ العَبَّاسِ صَدَقَةَ عَامَينِ))(55) فهو عندي من هذا أيضًا، إنَّما تعجَّل منه أنَّه أوجبها عليه وضمَّنه إيَّاها(56)، ولو لم(57) يقبضها منه، فكانت دينًا على العبَّاس، ألا ترى قوله: (فَإِنَّها عَلَيهِ وَمِثْلُها مَعَها)، وقد(58) روى حُجيَّة عن عليٍّ أنَّ العبَّاس سأل رسول الله صلعم أن يعجل صدقته للمساكين قبل محلِّها، فأذن له. فيكون معنى قوله فهي عليه صدقة، أي فهي عليه واجبة (فَأَدَّاها(59) قَبلَ مَحِلِّهَا وَمِثْلَهَا معَها) أي قد أدَّاها أيضًا لعام آخر لأنَّه قد(60) روي أنَّها كانت صدقة عامين، وهذا أيضًا معنى رواية من روى فهي عليه، ولم يذكر صدقة.
          وروى عبد الرَّزَّاق عن ابن جُريج قال: أخبرني يزيد بن خالد أن عُمَر بن الخطَّاب قال للعبَّاس لإبَّان(61) الزَّكاة: وأدِّ زكاة مالك، وكان الرَّسول(62) صلعم أمره بذلك، فقال:(63) أدَّيتها قبل ذلك. فذكر ذلك عمر للنَّبيِّ صلعم، فقال: ((صَدَقَ قَد أَدَّاها قَبلُ))، وروى ورقاء عن أبي الدَّرداء(64): ((فَهِي عَليَّ)) فالمعنى(65) أنَّه ◙ أراد أن(66) يؤدِّيها عنه برًّا به، لقوله في الحديث: ((أَمَا عَلِمتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنوُ أَبِيهِ)).
          (وأَمَّا خَالدٌ فَإِنَّه احتَبَسَ(67) أدْراعَه وَأَعْبُدَهُ في سَبِيلِ اللهِ)، فحسب له النَّبيُّ ◙ذلك عوضًا من الصَّدقة الَّتي وجبت عليه وخاصَّهُ بها، هذا على من جعل هذه الصَّدقة صدقة الفريضة، وقد روى عبد الرَّزَّاق عن ابن جُريج قال: حُدِّثت عن الأعرج، عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صلعم ندب النَّاس في الصَّدقة. وذكر الحديث، فيكون على هذا معنى(68) قوله: (فَهِيَ عَلَيهِ صَدَقَة وَمِثْلُها مَعَها) يريد أنَّه سيتصدَّق بها وبمثلها لأنَّه(69) لا يمتنع من شيء ألزمه إيَّاه من التَّطوُّع بل هو(70) يعدُّه كاللَّازم. قال ابن القصَّار: وهذا أليق بالقصَّة لأنَّه قد(71) أُمر بصدقة فنكرها، وأمَّا عذر خالد فإنَّه واضح، لأنَّه من أخرج(72) أكثر من ماله وأوقفه في سبيل الله لا(73) تحتمل حاله صدقات التَّطوُّع، ويكون(74) ابن جميل شحَّ في التَّطوُّع الَّذي لا يلزمه، ولا يظنُّ بواحدٍ منهم منع الواجب.
          وقد احتجَّ من جعل الصَّدقة في حديث العبَّاس صدقة الفريضة بهذا الحديث، فأجاز(75) تعجيل الزَّكاة قبل محلِّها، وهو قول النَّخَعِيِّ وقَتادة والحسن وسعيد بن جبير و الزُّهريِّ وأبي حنيفة والأوزاعيِّ والشَّافعيِّ وأحمد(76) وأبي ثورٍ، وخالفهم آخرون، وقالوا(77): لا يجوز تعجيل الزَّكاة قبل محلِّها، رُوي ذلك عن عائشة وعن الحسن البصريِّ(78) وابن سيرين، وهو قول مالك واللَّيث، وقالوا: هو كالذي يصلِّي ويصوم قبل الوقت، وروى ابن القاسم عن مالك: أنَّه لا يجوز تعجيلها قبل الحول إلَّا بيسير، وقال ابن حبيب: قال من لقيت من أصحاب مالك: لا تجزئه إلَّا فيما قرب مثل الخمسة الأيَّام أو العشرة(79) قبل(80) الحول، وقال ابن القاسم: الشَّهر / قريب على تزحيف(81) وكره ذلك(82).
          قال الطَّبريُّ: والذي شبَّه الزَّكاة بالصِّيام والصَّلاة(83) فليس بمشبه، وذلك أنَّه لا خلاف(84) بين(85) السَّلف والخلف في أنَّ الصَّدقة لو وجبت في ماشية رجل(86) فهرب بها من المصدِّق فظهر عليه المصدِّق، فأخذ زكاتها وربُّها كارهٌ، أنَّها تجزئ عنه، ولا خلاف بينهم أنَّه لو امتنع من أداء صلاة مكتوبة فأخذ بأدائها كرهًا فصلَّاها(87) وهو غير مُريد قضائها أنَّها غير مجزئة عنه، فبان بذلك أنَّ الصَّلاةَ مخالفة للزَّكاة في تعجيلها إذا(88) كانت الصَّلاة لا تجزئ من(89) لزمته إلَّا بعمله(90) ببدنه ونيَّته متقرِّبًا بها إلى الله تعالى.
          والعجب ممَّن زعم(91) أنَّها لا تجزئ عمَّن قدَّمها قبل محلِّها لأنَّه تطوَّع بعطائها(92) والتَّطوُّع لا يجزئ عن الفرائض(93)، وليس كما ظنَّ لأنَّ الَّذي يعجِّله لا يعطيه بمعنى الزَّكاة وإنَّما يعطيه من يعطيه دينًا له عليه على أن يحتسبه عند(94) محلِّه زكاة من ماله، و على هذا الوجه كان استسلاف رسول الله صلعم من العبَّاس صدقته قبل وجوبها في ماله، فإن ظنَّ ظانٌّ أنَّه غير جائزٍ له احتسابها من زكاته بعد وجوبها عليه، كما غير جائزٍ له أن يصلِّي الظُّهر قبل وقتها على أن يحتسبها ظهرًا إذا دخل وقتها، وأن يصوم شعبان على أن يحتسبه من(95) رمضان بعد دخول رمضان، فقد أفحش الخطأ، وذلك لأنَّ(96) الصَّلاة والصِّيام من الفروض الَّتي على من وجبت عليه عملها ببدنه، وليست كذلك الزَّكاة لأنَّ الزَّكاة حقٌّ أوجبها(97) الله لأهل الصَّدقات، فهم فيه شركاء(98) لأرباب الأموال فيها إذا وجبت لهم، فإذا وصلت إليهم حقوقهم منها فقد برئ أربابها سواء أدَّوا ذلك بأنفسهم، أو أدَّاه عنهم مؤدٍّ(99) بأمرهم، أو أخذه(100) منهم آخذ أباح الله له أخذه لأهل السُّهمان برضى ربِّ المال كان أخذه أو بغير رضاه، والدَّليل على ذلك مال المعتوه واليتيم(101) يؤدِّي عنه وليُّه الزَّكاة، فيجزئ عنه.
          فإن قيل: فإنَّ(102) حديث أبي هريرة كان في جواز تقديم صدقة التَّطوُّع لأنَّه قال في الحديث: (إِنَّ رَسولَ اللهِ صلعم أَمَرَ بِصَدَقَةٍ) فذكرها(103). وقال ابن جُريج في الحديث: (إِنَّ رَسولَ اللهِ صلعم نَدَبَ النَّاسَ في الصَّدَقَةِ).
          قيل: قد صحَّ الخبر عن عليٍّ: أنَّ العبَّاس سأل النَّبيَّ صلعم في تعجيل صدقته قبل وجوبها عليه(104)، فرخَّص له في ذلك. حدَّثناه أحمد بن منصور، حدَّثنا سعيد بن منصور، حدَّثنا إسماعيل بن زكريَّا عن حجَّاج بن دينار عن الحكم عن(105) حجيَّة عن عليٍّ، ولا يُقال في التَّطوُّع منع إلَّا من منع صدقة الفريضة.
          وقد اختلفت الرِّواية في قوله: (أَدْرَاعَهُ وَأَعْبُدَه) فروت طائفة (أعبده) بالباء، جمع عبد، وروى أبو ذرٍّ <أعتده> بالتَّاء، جمع عتدٍ، وهو الفرسُ، وفي كتاب(106) مسلم وأبي(107) داود ((عتاده))(108) بالألف، وهذا شاهد بصحَّة رواية من روى <أعتده> بالتَّاء(109) لأنَّه لا يُقال في جمع أعبد: أعباد، والمعروف من عادة النَّاس في كلِّ زمن تحبيس الخيل والسِّلاح في سبيل الله لا تحبيس العبيد(110)، وقال صاحب «العين»: فرس عتد وعتيد، أي: معدٌّ(111) للرُّكوب، وكذلك(112) سُمِّيت عتيدة الطِّيب، وقال غيره: الذَّكر والأنثى فيه سواء، قال سلامة بن جَندَل:
بِكلِّ مجَنَّبٍ كالسِّيدِ نَهدٍ وكُلِّ طُوالةٍ عَتدٍ نِزاقِ(113)
          وممَّا يدلُّ أنَّه <عَتَد> بفتح التَّاء مجيئه للذَّكر والأنثى بلفظٍ واحد، وهذا حكم المصادر.


[1] قوله: ((والغارمين)) ليس في (م).
[2] قوله: ((يَأْكُلُ وَلا يَشْبَعُ، وَيَكُونُ شَهِيدًا عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ....... وَالْغَارِمِينَ وفي سَبِيلِ اللهِ)) الورقة ليست في المخطوط (ص).
[3] قوله: ((للفقراء)) ليس في (م).
[4] زاد في (م): ((النبي)).
[5] في (ص): ((أذرعه)).
[6] في (م): ((فيه)).
[7] في (م): ((بصدقة)).
[8] في (ص): ((وقد احتبس وأذرعه في سبيل الله)).
[9] في (م): ((وأما العباس عم))، ((وأما العباس بن عبد المطلب عم)).
[10] زاد في (م): ((وقال ابن إسحاق عن أبي الزناد: فهي عليه ومثلها معها)).
[11] زاد في (م): ((اختلف العلماء في تأويل)).
[12] في (م): ((فقال)).
[13] قوله: ((في «المدونة»، وبه قال)) زيادة من (م)، ليس في (ص).
[14] في (م): ((قال مالك ولا)).
[15] في (ز) و(ص): ((إلا من شاء)) والمثبت من (م).
[16] في (م): ((لجماعة)).
[17] زاد في (م): ((عندهم)).
[18] زاد في (ص): ((أنه)).
[19] زاد في (ص): ((منها)).
[20] في (م): ((وقد روى ابن القاسم وابن نافع عن مالك أنه يعان المكاتب من الزكاة في أجر نجومه...)).
[21] في (م): ((ملك)).
[22] قوله: ((الصدقة)) ليس في (م).
[23] قوله: ((قلوبهم)) ليس في (م).
[24] في (م): ((الصدقة أو معاونة)).
[25] في (م) صورتها: ((بالمسافة)).
[26] في (ز) و(ص): ((لعدم)) والمثبت من (م).
[27] زاد في (م): ((فيها)).
[28] في (ز) و(ص): ((يكفي)) والمثبت من (م).
[29] في (م): ((ابتداءً)).
[30] زاد في (م): ((عند من)).
[31] في (م): ((إلا أن مالكًا)).
[32] في (م): ((وإسحاق وأبو ثور)).
[33] في (م): ((حنيفة وأصحابه قالوا)).
[34] قوله: ((في)) ليس في (م).
[35] في (م): ((واحتجوا)).
[36] في (ص): ((أم الفضل)) وأشار في الحاشية في نسخة ((أم مَعْقِل)).
[37] في (م): ((أدراعه)).
[38] في (م): ((وذكره)).
[39] في (م): ((ففي)).
[40] قوله: ((وجاهدوا)) ليس في (م).
[41] في (م): ((أن)).
[42] في (م): ((يعطاه)).
[43] في (م): ((في)).
[44] قوله: ((عبد الرزاق عن)) ليس في (م).
[45] في (م): ((العامل)).
[46] في (م): ((ورجل)).
[47] في (م): ((فأهداها لغني)).
[48] في (م): ((حديث ابن جميل)).
[49] زاد في (م): ((فقال)).
[50] قوله: ((عليه)) ليس في (ص).
[51] زاد في (م): ((أنه)).
[52] قوله: ((كان أخر عنه)) ليس واضحًا في (ز) و(ص) وصورتها: ((كانوا ا خر عيه)).
[53] في (م): ((من حاجة بالعباس إليها)).
[54] في (م): ((أحيا)).
[55] قوله: ((وأما الحديث الذي...... صدقة عامين)) زيادة من (م)، ليس في (ص).
[56] في (م) صورتها: ((وضمنها إياه)).
[57] في (م): ((ولم)).
[58] صورتها في (ز) و(ص): ((وعن)).
[59] في (م): ((قد أداها)).
[60] قوله: ((قد)) ليس في (م).
[61] في (ز) و(ص): ((لا يأبى)) والمثبت من (م).
[62] في (م): ((النبي)).
[63] زاد في (م): ((قد)).
[64] في (م): ((الزناد)).
[65] في (م): ((والمعنى)).
[66] في (م) صورتها: ((صاغ له أن)).
[67] في (م): ((حبس)).
[68] في (ص): ((المعنى)).
[69] زاد في (م): ((ممن)).
[70] قوله: ((هو)) ليس في (م).
[71] في (م): ((قال)).
[72] في (م): ((فنكرها ويكون عذر خالد واضحًا في أنه إذا أخرج)).
[73] في (م): ((فلا)).
[74] في (ص): ((فيكون)).
[75] في (م): ((وقد احتج كن جعل ذلك صدقة الفريضة في هذا الحديث واستدل منه بأنه يجوز)).
[76] زاد في (م): ((وإسحق)).
[77] في (م): ((فقالوا)).
[78] قوله ((وعن الحسن البصري)) ليس في (م).
[79] في (م): ((قرب من خمسة أيام أو عشرة)).
[80] قوله: ((قبل)) ليس واضحًا في (ز).
[81] صورتها في (ص): ((زحف)).
[82] قوله: ((وكره ذلك)) ليس في (م).
[83] في (م): ((بالصلاة والصيام)).
[84] في (ز) و(ص): ((وذلك لأن الاختلاف)) والمثبت من (م).
[85] زاد في (م): ((جميع)).
[86] قوله: ((رجل)) ليس في (ص).
[87] قوله: ((فصلاها)) ليس في (م).
[88] في (م): ((إذ)).
[89] في (م): ((عمن)).
[90] في (م): ((بعمل)).
[91] زاد في (م): ((في الزكاة)).
[92] في (م): ((لأنه متطوع بإعطائها)).
[93] في (م): ((الفرض)).
[94] في (ز) و(ص): ((عنه)) والمثبت من (م).
[95] زاد في (م): ((شهر)).
[96] في (م): ((أن)).
[97] في (م): ((أوجبه)).
[98] في (م): ((فهم شركاء)).
[99] في (ص): ((مؤديًا)).
[100] في (ص): ((أُخِذَ)).
[101] في (م): ((اليتيم والمعتوه)).
[102] في (م): ((إن)).
[103] في (م): ((فنكرها)).
[104] قوله: ((قبل وجوبها عليه)) ليس في (م).
[105] في (ز) و(ص): ((بن)) والمثبت من (م).
[106] في (م): ((مسند)).
[107] في (م): ((ومصنف أبي)).
[108] في (م): ((أعتاده)).
[109] قوله: ((بالتاء)) ليس في (ص).
[110] قوله: ((في سبيل الله لا تحبيس العبيد)) زيادة من (م)، وليس في (ص).
[111] في (م): ((تعد)).
[112] في (م): ((وبذلك)).
[113] في (ز) و(ص): ((صداق)) والمثبت من (م).