الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب موت يوم الاثنين

          ░94▒ (بَابُ مَوْتِ يَوْمِ الاِثْنَيْنِ): أي: بيان فضلِ الموتِ فيه، فالإضافةُ على تقدير: في، أو اللام، ووجهُ فضيلة الموت، وفيه: أنَّ الله تعالى اختارَ لنبيِّه عليه السلام الموتَ فيه، ولا يختارُ له إلا الأفضل، بل كانت غالبُ أطوارهِ عليه السلام، كذلك كما يأتي.
          قال الزين بنُ المنير: تعيُّن وقت الموتِ ليس لأحدٍ فيه اختيار، لكن له في التَّسبُّب إلى حصوله مدخلٌ كالرَّغبة إلى الله والتَّمنِّي في حصولهِ بالدُّعاء والتَّمنِّي له لقصد التَّبرُّك، فمن لم تحصل له الإجابة أُثِيبَ على اعتقادهِ.
          قال في ((الفتح)): وكأنَّ الخبرَ الذي ورد في فضلِ الموت يوم الجمعة لم يصحَّ عند البُخاري، فاقتصرَ على ما وافقَ شرطهُ، وهو ما أخرجهُ الترمذيُّ بسندٍ فيه ضعفٌ من حديثِ ابن عَمرو مرفوعاً بلفظ: ((ما من مسلِمٍ يمُوتُ يومَ الجُمُعةِ أو ليلَةِ الجمعَةِ إلَّا وقَاهُ اللهُ فتنَةَ القَبرِ))، وأخرجهُ أبو يعلى من حديث أنسٍ نحوه بسندٍ أضعف، انتهى.
          وأقول: لعلَّ هذا الحديثَ مرادُ ابن حَجر المكي حيث قال في ((التحفة)): ورد أنَّ من مات يوم الجمعة أو ليلتها أمنَ عذاب القبر وفتنته، وأخذ منه أنه لا يُسأل، وإنما يتَّجهُ ذلك إن صحَّ عنه صلعم أو عن صحابيٍّ، إذ مثله لا يقال من قبلِ الرَّأي، ومن ثمَّ قال شيخُنا: يسألُ من مات برمضَان أو ليلة الجُمعةِ لعموم الأدلة الصَّحيحة، انتهى.