الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب حمل الرجال الجنازة دون النساء

          ░50▒ (بَابُ حَمْلِ الرِّجَالِ الْجِنَازَةَ دُونَ النِّسَاءِ): بإضافة ((باب)) إلى ((حمل)) المصدر المضاف إلى فاعله.
          قال ابن رشيد: ليست الحجَّة من حديثِ الباب بظاهرةٍ في منع النساء؛ لأنه من الحكم المعلَّق / على شرط فهو خيارٌ ولو سلم فهو من مفهوم اللَّقب.
          ثم أجاب: بأن كلامَ الشَّارع مهما أمكن حملهُ على التَّشريع لا يحملُ على مجرد الإخبارِ عن الواقع، وأيضاً: فجوازهُ للنساء قد يفضي إلى الانكشاف، مع أنَّ المطلوب منهنَّ الستر مع ضعفهنَّ عن مشاهدة الموتى غالباً، فكيف بالحملِ مع ما يتوقَّع من صراخهنَّ عند حمله ووضعه، وغير ذلك من المفاسدِ كاختلاطهنَّ بالرجال، انتهى ملخَّصاً.
          وقال في ((الفتح)): وقد وردَ ما هو أصرحُ من هذا في منعهنَّ، لكنه ليس على شرطِ المصنف، ولعله أشارَ إليه، وهو ما أخرجه أبو يعلى من حديث أنسٍ قال: خرجنا مع رسول الله صلعم في جنازةٍ فرأى نسوةً فقال: ((أتحملنه؟)) قلن: لا، قال: ((أتدفنَّه؟)) قلن: لا قال: ((فارجِعنَ مأزُورَاتٍ غيرَ مأجُورَاتٍ)).
          ونقل النووي في ((شرح المهذب)): أنه لا خلافَ في هذه المسألةِ بين العلماء.
          واستدلَّ ابن بطَّال على ذلك بقوله تعالى: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ} [النساء:98] الآية، واعترضهُ ابن المنير: بأن {مِنَ} للتبعيض فيها، فهي تدلُّ على ضعفٍ في الرجال أيضاً، ولو نصب {النِّسَاءَ} عطفاً على {المُسْتَضْعَفِيْنَ} لأمكن الاستشهاد، انتهى.
          وردَّ في ((المصابيح)) على ابن المنير، فقال: لا يخلو من نظرٍ.