الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من يقدم في اللحد

          ░75▒ (بَابُ مَنْ يُقَدَّمُ): بفتح الدال مشددة؛ أي: من الموتى عند ضيقِ الأرضِ أو الكفنِ (فِي اللَّحْدِ): بفتح اللام وقد تضم، يقال: لحدتُ الميِّت وألحدته وألحدتُ له.
          وقال الفراء: الرباعي أجود، وقال غيره: الثلاثي أكثر.
          وأصله: الميلُ لأحدِ الجانبين ومنه قول المصنف: (وَسُمِّيَ اللَّحْدَ؛ لأَنَّهُ فِي نَاحِيَةٍ): أي: شق في جانبٍ من القبرِ مائلٌ عن استوائهِ قدر ما يسعُ الميت، والأفضلُ أن يكون للجانبِ القبلي (وَكُلُّ جَائِرٍ): بالجيم أوله وبالراء آخره؛ أي: ظاهرٌ عن الاستقامة (مُلْحِد): بضم الميم وسكون اللام وكسر الحاء المهملة، لميلهِ وعدولهِ عن الحقِّ، وسقط: <وكل جائر ملحد> لأبي ذرٍّ.
          وقوله: ({مُلْتَحَدَاً} [الكهف:27]: مَعْدِلاً): أصلهُ لأبي عبيدة / ذكره في كتاب ((المجاز)) في تفسير قوله تعالى: {وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُوْنِهِ مُلْتَحَدَاً}.
          وقال الطبري: معناه: ولن تجد من دونه معدلاً تعدلُ إليه عن الله تعالى؛ لأن قدرته تعالى محيطةٌ بجميعِ خلقهِ.
          (وَلَوْ كَانَ): أي: القبرُ أو الشق (مُسْتَقِيماً كَانَ): وللحموي والمستملي: <لكان> (ضَرِيْحاً): بفتح الضاد المعجمة؛ لأنه الشقُّ في الأرضِ على الاستواء، واللَّحدُ أفضل عند الشافعية من الشقِّ إن صلبت الأرض، لخبر سعد بن أبي وقاص: أنه أُمِر أن يجعل له لحدٌ وأن ينصبَ عليه اللبن، كما فعل برسول الله صلعم وإلا فالأفضلُ الشق خشية الانهيارِ.
          وقال العينيُّ: الجمهورُ على كراهة الدَّفن في الشق، وهو قولُ النخعي وأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، انتهى.
          وأقول: قد علمتُ أن مذهب الشافعي أنه خلاف الأفضل، ولعله أرادَ بالكراهةِ خلاف الأولى، فتدبَّر.