الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب دفن الرجلين والثلاثة في قبر

          ░73▒ (بَابُ دَفْنِ الرَّجُلَيْنِ): أي: جوازُ دفنهما (وَالثَّلاَثَةِ): أي: وأكثر (فِي قَبْرٍ): ولأبي ذرٍّ: <في قبرٍ واحدٍ> لكنه مقيَّدٌ بالضرورة، وإلا فيكرهُ ابتداءً، وهذا في الرجلين ومثلهما المرأتان، وكذا مع اختلاف النَّوع كرجلٍ وامرأة بينهما محرميَّةٌ أو زوجية أو سيدية، وإلا فيحرم، والخنثى مع كلٍّ من الرجل والمرأة كمختلفِ النوع، بخلاف الإدخال عليه فإنه حرامٌ مطلقاً، وهذا ما اعتمدَه ابن حَجر في ((التحفة)).
          وخالف الرَّملي فجرى على حرمةِ الجمع بينهما ابتداءً وإدخالاً اتَّحد النوع أو لا، تبعاً لما في ((المجموع))، فقد جزمَ فيه بحرمةِ الجمع بين الأم وولدها، وهذا في حالة الاختيار أمَّا في حالة الضَّرورة فلا خلافَ في جوازِهِ، لكن يجعلُ ندباً بينهما حائل ولو نحو ترابٍ، وهذا تفصيلُ مذهب الشَّافعية.
          وقال العينيُّ _كابن بطَّال_: في الحديث جوازُ دفن الاثنين والثلاث في قبرٍ، وبه أخذَ غيرُ واحد من أهلِ العلم، وكرهه الحسنُ البصري، ولا بأس أن يُدفَن الرجلُ والمرأة في القبرِ الواحد، وهو قولُ مالكٍ وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق، غير أن الشَّافعيَّ وأحمد قالا: ذلك موضعُ الضرورات، انتهى.