الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من أحب الدفن في الأرض المقدسة أو نحوها

          ░68▒ (بَابُ مَنْ أَحَبَّ الدَّفْنَ فِي الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ): يحتملُ أنه يراد: مطلق الأرضِ المقدَّسة لشرفها قياساً لها على ما في الحديثِ.
          وقال شيخُ الإسلام وكثيرون _تبعاً للكرماني_ أي: بيت المقدس طلباً للقربةِ من الأنبياءِ الكرام الذين دفنوا فيه تيمُّناً بجوارهم، وتعرُّضاً للرَّحمةِ النازلة عليهم، واقتداءً بموسى عليه السلام، أو للقربِ من أرضِ المحشرِ، فتسقط عنه المشقَّةُ الحاصلةُ لمن بعد.
          (أَوْ نَحْوِهَا): أي: أو في نحو الأرضِ المقدَّسةِ في الشرف، وذلك صادقٌ بما هو أشرفُ منها كما هو أرضُ الحرمين، أو أدون نحو أماكن الصَّالحين، فـ((نحوها)): مجرور عطفاً على ((الأرض)) لا بالنصب عطفاً على الدَّفن، كما قال القسطلاني.
          وقد اختلفَ _كما في ((الفتح)) وغيره_ في جواز نقلِ الميِّتِ من بلدٍ إلى أخرى، فقيل: يُكره لما فيه من تأخيرِ دفنه وتعريضهِ لهتك حُرمته، وقيل: مستحبٌّ، وهو ظاهر كلام البخاري، وقيل: يحرم، وهو مذهبُ الشافعي، إلا النَّقل إلى الأرض الفاضلةِ كمكَّة وبيت المقدس، أو لقربِ الصَّالحين أو أقاربه.
          قيل: والأولى: تنزيلُ الكراهة حيث لم يكن هناك غرضٌ.