التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب كتاب النبي إلى كسرى وقيصر

          ░82▒ (بَاب كِتَابُ النَّبِيِّ صلعم إلى كِسْرَى وَقَيْصَرَ)
          ذكر فيه أحاديث:
          4424- أحدها: حديثُ ابن عبَّاسٍ ☻: أنَّه ◙ (بَعَثَ بِكِتَابِه إلى كِسْرى مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ البَحْرَيْنِ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ البَحْرَيْنِ إلى كِسْرى، فَلَمَّا قَرَأَهُ مَزَّقَهُ، فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ المُسَيِّبِ قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صلعم أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ).
          4425- ثانيها: حديث الحسن عن أبي بكرة قَالَ: (لَقَدْ نَفَعَنِي اللهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلعم أيَّامَ الْجَمَلِ بَعْدَمَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ، فَأُقَاتِلَ مَعَهُمْ، قَالَ: لَمَّا بَلَغَ النَّبيَّ صلعم أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرى قَالَ: لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً).
          4426- ثالثها: حديث الزُّهْريِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ: (أَذْكُرُ أَنِّي خَرَجْتُ مَعَ الغِلْمَانِ إِلَى ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ نَتَلَقَّى رَسُولَ اللهِ صلعم، وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: مَعَ الصِّبْيَانِ).
          4427- وفي لفظٍ: (إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ مَقْدَمُهُ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ).
          وهذا سلف في الجهاد والأوَّل أيضًا [خ¦2939] [خ¦3083].
          و(كسْرَى) بكسر الكاف وفتحها فارسيٌّ، وهِرَقلُ ملك الرُّوم كما سلف أوَّل الإيمان [خ¦7]، ودعاؤه لا شكَّ في إجابته، قيل: هلكَ منهم عندَها أربعة عشر في سنةٍ حتَّى ملَّكوا أمرَهم امرأةً، وفيه أنَّها لا تكون إمامًا ولا حاكمًا لنقصها، وإن كان قد يتأتَّى منها التَّنفيذ، وجوَّز ابن جريرٍ أن تكون حاكمًا وحكاه ابن خُوَيْزِمَنْداد عن مالكٍ، وقال أبو حنيفة: تكون حاكمًا في كلِّ أمرٍ تجوزُ فيه شهادة النِّساء، واستنبط منه الخطَّابيُّ أنَّ المرأة لا تَلِي النِّكاح لنفسِها ولا لغيرها، والعاملُ في قوله: (أَيَّامَ الجَمَل): (نَفَعَنِي) لا (سَمِعْتُهَا) لأنَّه سَمِعَهَا قبلُ، وإنَّما نفعَه الله بها يومئذٍ، وأسلفنا هناك أنَّ الدَّاوُديَّ قال: قوله: (إِلَى ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ) ليس بمحفوظٍ لأنَّها مِنْ جهة مكَّة، وتبوكُ مِنْ الشَّام مقابلتها كالمشرق والمغرب، إلَّا أن يكون ثَمَّ ثنيَّةٌ أخرى في تلك الجهة، قال: والثَّنيَّةُ: الطَّريق في الجبل، وليس كذلك، وإنَّما الثنيَّةُ: ما ارتفع مِنَ الأرض.
          وفيه بعثُه صلعم إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام، بعثَ دِحْيةَ الكلبيَّ إلى قيصرَ ملك الرُّوم، وعبدَ الله بن حُذَافة السَّهميَّ إلى كسرى ملك فارس كما سلف، وعَمْرَو بن أميَّة الضَّمْريَّ إلى النَّجَاشيِّ ملك الحبشة، وحاطبَ بن أبي بَلْتَعة إلى المُقَوْقِس صاحب الإسكندريَّةِ، وعمرَو بن العاصي إلى جَيْفَرٍ وعبد ابني الجُلنداءِ ملكي عُمَان، وسَليطَ بن عمرٍو العامريَّ إلى ثُمَامة بن أُثَالٍ وهَوْذة بن عليٍّ الحنفيِّ ملكي اليمامة، والعَلَاءَ بنَ الحَضْرميِّ إلى المُنْذِر بن ساوى العَبْديِّ ملك البحرين بعد انصرافِه مِنَ الحديبية، وشُجَاعَ بن وَهْبٍ الأسديَّ إلى الحارثِ بنِ أبي شَمِرٍ الغسَّانيِّ ملكِ تُخوم الشَّام، ويقال: نَجْد، بعثَه إلى جَبَلة بن الأيهم الغسَّانيِّ.
          وفيه سريَّة عليِّ بن أبي طالبٍ إلى اليمن، والمهاجر بن أبي أميَّةَ المخزوميِّ إلى الحارث بن عبد كُلَالٍ الحِمْيَريِّ ملك اليمن، وبعثَ أسامةَ في سريَّةٍ إلى أَبنَى بناحية البلقاء يومَ الاثنين / لأربع ليالٍ بقين مِنْ صفرٍ في السَّنة الحادية عشر لأجل الرُّوم، وفي جيشِه أبو بكرٍ وعمر وأبو عُبيدة بن الجرَّاح وسعد بن أبي وقَّاصٍ وسعيد بن زيدٍ وقَتَادة بن النُّعمان وخلقٌ، وسارَ بعدَه، وقد ذكرَه البُخَاريُّ قريبًا.