التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب

          ░68▒ (بَابٌ
          قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: غَزْوَةُ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ بَنِي العَنْبَرِ مِنْ تَمِيمٍ، بَعَثَهُ النَّبِيُّ صلعم إِلَيْهِمْ، فَأَغَارَ وَأَصَابَ مِنْهُمْ نَاسًا، وَسَبَى مِنْهُمْ نِسَاءً).
          وهذِه قد أسلفناها قريبًا في غزوة ذي الخَلَصة، وأنَّها في المحرَّم سنة تسعٍ، و(عُيَيْنَةَ) هذا فَزَارِيٌّ، وبنو العَنْبر حَسُنَ إسلامُهم.
          4366- ثُمَّ ذكر في الباب حديثَ أبي هريرة ☺: (لَا أَزَالُ أُحِبُّ بَنِي تَمِيمٍ بَعْدَ ثَلاَثٍ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلعم، يَقُولُهَا فِيْهِمْ: هُمْ أَشَدُّ أُمَّتِي عَلَى الدَّجَّالِ، وَكَانَتْ منهِمْ سَبِيَّةٌ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَ: أَعْتِقِيَهَا فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَجَاءَتْ صَدَقَاتُهُمْ، فَقَالَ: هذِه صَدَقَاتُ قَوْمٍ، أَوْ قَوْمِي).
          وفيه: منقبةٌ ظاهرةٌ لهم.
          4367- وحديثَ عبد الله بن الزُّبَير: (قَدِمِ رَكْبٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلعم، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمِّرِ القَعْقَاعَ بْنَ مَعْبَدِ بْنِ زُرَارَةَ، وَقَالَ عُمَرُ: بَلْ أَمِّرِ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا أَرَدْتَ إلَّا خِلاَفِي، قَالَ عُمَرَ: مَا أَرَدْتُ خِلَافَكَ، فَتَمَارَيَا حتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَنَزَلَ فِي ذَلِكَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات:1] حتَّى انْقَضَتْ).
          وكان اختلافُ أبي بكرٍ وعمر قبل قوله ◙ لعُمَر حين قارعَ أبا بكرٍ: ((هَلْ أنتم تَارِكُوا لِي صَاحِبي، إنَّ اللهَ بعثني بالبيَّناتِ والهُدَى فقالَ أبو بَكرٍ: صَدَقتَ، وقُلْتُم: كَذَبتَ)) فعرف النَّاس له ذلك بعد، وذهب أبو بكرٍ إلى أنَّ القَعْقَاع كان أرقَّ مِنَ الأَقْرع، وذهبَ عُمر إلى أنَّ الأقرعَ أجرأ مِنَ القعقاع، وكُلٌّ أرادَ خيرًا، قال عمر: وكنتُ أخشى مِنْ أبي بكرٍ بعض الجدِّ.
          وقوله: (فَنَزَلَ فِي ذَلِكَ...) الآية المذكورة، زاد في التَّفسير: فما كان عمرُ يُسمِعُ رَسُولَ الله صلعم بعد هذِهِ الآية حتَّى يستفهمَه، ولم يذكر ذلك عن أبيه، يعني أبا بكرٍ، وقال الحسنُ: ذَبَح قومٌ قبلَ صلاة رَسُولِ الله صلعم يومَ النَّحْر، فأمرهم أن يُعِيدوا ذبحًا آخر، ونزلت الآية، وقال قتادة: ذكر لنا أنَّ قومًا قالوا: نزل في كذا وكذا، وصنع كذا وكذا، فكره الله ذلك وقدَّم فيه.