التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب بعث النبي أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة

          ░45▒ (بَابُ: بَعْثِ النَّبِيِّ صلعم أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ إِلَى الحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ)
          4269- ذكر فيه حديثَ أبي ظَِبْيَانَ قَالَ: (سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صلعم إلى الحُرَقَةِ، فَصَبَّحْنَا القَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ، وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ، فَلَمَّا غَشِيْنَاهُ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَكَفَّ الأَنْصَارِيُّ عَنْهُ، وطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حتَّى قَتَلْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ رَسُولَ اللهِ صلعم فَقَالَ: يَا أُسَامَةُ، أَقَتَلْتَهُ بَعْدَمَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟ قُلْتُ: كَانَ مُتَعَوِّذًا، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عليَّ حتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ).
          هذا الحديث أخرجه في الدِّيات أيضًا [خ¦6872]، كما ستعلمه، وأخرجه مسلمٌ في الإيمان، وأبو داود في الجهاد، والنَّسَائيُّ في السِّير، ورواه مُحمَّد بن شجاع بن نَبْهان المَرْوَزيُّ عن عبد العزيز بن رُفَيعٍ عن أبي ظَبْيَان عن سعد بن مالكٍ عن أسامة.
          و(الحُرَقَةِ) اسم جُهَيْش بن عامر بن ثعلبة بن مودوعة بن جُهينة، قال الكلبيُّ: سُمُّوا بذلك لأنَّهم أحرقوا بني مُرَّة بن عوف بن سعد بن ذُبْيان بالنَّبْل، أي قتلوهم، والَّذي قتله أسامةُ نَهِيك بن مِرْداس بن ظالٍم.
          وقوله: (حتَّى تَمَنَّيْتُ...) إلى آخره، هو للمبالغة، لا على الحقيقة، وفيه أنَّ مَنْ تأوَّل لَا قَوَد عليه، ولم يذكر فيه أيضًا دِيَةٌ ولا كفَّارةٌ، واستنبط الدَّاوُديُّ منه تأمير مَنْ لم يبلغ، وفيه حسن إسلام جُهَينة، وقد سلف حديث: ((سَبْعة مَوَالي لَا مَوْلَى لَهُمْ إلَّا اللهُ ورَسُولُهُ)) وعدَّ منهم جُهَينة.
          فصلٌ: ذكر البُخَاريُّ هذا البعثَ بعد مُؤتة وأنَّهُ كان الأمير، وقد أسلفناه قبلها وأنَّ الأمير غيرُه، فالله أعلم الصَّحيح مِنْ ذلك، ويَبْعُد تعدُّد الواقعة، فإنَّهُ لا يَقْتُل بعد النَّهي، ويَبْعُد النِّسيان أيضًا.
          4270- 4271- الحديث الثَّالث: حديث سَلَمَةَ بْنِ الأكْوَعِ: (غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم سَبْعَ غَزَوَاتٍ، وَخَرَجْتُ فِيمَا يَبْعَثُ مِنَ البُعُوثِ تِسْعَ غَزَوَاتٍ: مَرَّةً عَلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ، وَمَرَّةً عَلَيْنَا أُسَامَةُ).
          4272- وفي لفظٍ: (غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم سَبْعَ غَزَوَاتٍ، وَغَزَوْتُ مَعَ ابْنِ حَارِثَةَ اسْتَعْمَلَهُ عَلَيْنَا).
          4273- وفي لفظٍ: (فَذَكَرَ خَيْبَرَ وَالْحُدَيْبِيَةَ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ وَيَوْمَ القَرَدِ، قَالَ يَزِيدُ) ابنُ أبي عُبيدٍ الرَّاوِي عَنْ سَلَمَةَ: (وَنَسِيتُ بَقِيَّتَهُمْ).
          فيه فضلٌ ظاهرٌ لأسامةَ الحِبِّ ابن الحِبِّ رضوان الله عليه.
          فصلٌ: ذكر ابنُ سعدٍ هنا سريَّة عمرو بن العاص إلى ذات السَّلاسل في جمادى الأولى سنة ثمانٍ، وذكرَها البُخَاريُّ في الأواخر كما سيأتي، ثُمَّ سريَّة الخَبَطِ، أميرها أبو عُبيدة في رجب سنة ثمانٍ، والبُخَاريُّ ذكرها في الأواخر، / ثُمَّ سريَّة أَبِي قَتَادَةَ بنِ رِبْعِيٍّ إلى خَضِرة، وهي أرض مُحارب في شعبان سنة ثمانٍ، ثُمَّ سريَّته أيضًا إلى بطن إِضَم في أوَّل رمضان، ثُمَّ سرية ابنِ أبي حَدْرَدٍ إلى الغابة فيما ذكره ابن إسحاق، ثُمَّ الفتح، فاعلم ذلك.