التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب شهود الملائكة بدرًا

          ░11▒ (بَابُ: شُهُودِ المَلاَئِكَةِ بَدْرًا)
          3992- ذكر فيه حديثَ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ: (عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صلعم فَقَالَ: مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ قال: مِنْ أَفْضَلِ المُسْلِمِينَ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا، قَالَ: وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ المَلاَئِكَةِ).
          3993- وعَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ وَكَانَ رِفَاعَةُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، وَكَانَ رَافِعٌ مِنْ أَهْلِ العَقَبَةِ: (وَكَانَ يَقُولُ لابْنِهِ: مَا يَسُرُّنِي أَنِّي شَهِدْتُ بَدْرًا بِالْعَقَبَةِ قَالَ: سَأَلَ جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صلعم بِهَذَا).
          3994- وفي روايةٍ عن معاذ بن رِفَاعة: (أنَّ مَلَكًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلعم) نحوه، وفي روايةٍ: (قَالَ مُعَاذٌ: إِنَّ جِبْرِيلَ هُو السَّائلُ).
          3995- وعَنِ ابن عَبَّاسٍ ☻: (أَنَّهُ صلعم قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ، عَلَيْهِ أَدَاةُ الحَرْبِ).
          الشَّرح: (رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ) هو ابنُ مالك بن العَجْلان أبو معاذ، وأمُّهُ أمُّ مالك أخت عبد الله بن أُبَيِّ بن سَلول، شهد مع بدرٍ العَقَبَةَ، وهو أخو خَلَّاد ومالك، شهد مع عليٍّ حربَه، وولده معاذ تابعيٌّ يروي عن أبيه وجابر، و(رَافِعٍ) هو ابنُ مالك بن العَجْلان بن عمرو بن عامر بن زُرَيق بن عامر بن زُرَيق بن عبد حارثة بن مالك بن غَضْب بن جُشْم بن الخزرج الخزرجيُّ الزَّرَقيُّ، أبو مالك، وقيل: أبو رِفَاعة، أحد النُّقباء الاثني عشر، شهد العقبةَ كما ذكر مع السَّبعين، ولم يشهدا بدرًا، على خِلافٍ، وشهدها ابناه رِفَاعة وخلَّاد ابنا رافع، استشهد يوم أُحُد، وقال ابن إسحاق: هو أوَّل مَنْ قَدِم المدينة بسورة يوسف، وذكر أبو موسى رافعَ بن مالك استدراكًا، وهو الأوَّل فغلط ووَهمَ.
          وقول جبريل: (مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟) إمَّا أن يكون أخبرَ رسول الله صلعم بذلك قبل، أو قاله صلعم على الرَّجاء فيهم، أو لأنَّ فيهم أفاضلَ الصَّحابة، وفيه تفاضُل الملائكة ومجازاتهم بعملِهم كما قاله الدَّاوديُّ.
          وقوله: (هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ) قيل: إنَّهُ انحدر في الهواء، وكان يومئذٍ يَزَعُ الملائكة، وكان رجلان مشركان مِنْ غير قريش صَعِدَا جبلًا ينظران على مَنْ تكون الدَّائرة، / فرَأَيَا الملائكة، فمات أحدُهما مِنَ الخوف، قال صلعم: ((ما رُئي إِبْليسُ يَومًا هُوَ فيهِ أَحْقرُ ولا أَصْغرُ ولا أَدْحرُ ولا أَغْيظُ مِنْهُ يَومَ عَرَفةَ لِمَا رَأَى مِنْ تَنزُّلِ الرَّحمةِ، إلَّا مَا كَانَ مِن يَومِ بدرٍ فإنَّهُ رَأَى جِبْريلَ يزَعُ المَلَائِكةَ)).