-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
باب غزوة العشيرة
-
باب ذكر النبي من يقتل ببدر
-
باب قصة غزوة بدر
-
باب قول الله تعالى: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم}
-
باب في فضل من شهد بدرًا
-
باب عدة أصحاب بدر
-
باب دعاء النبي على كفار قريش
-
باب قتل أبي جهل
-
باب فضل من شهد بدرًا
-
باب
-
باب شهود الملائكة بدرًا
-
باب
-
باب تسمية من سمي من أهل بدر
-
باب حديث بنى النضير
-
باب قتل كعب بن الأشرف
-
باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق
-
باب غزوة أحد
-
باب: {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما}
-
باب قول الله تعالى: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان}
-
باب: {إذ تصعدون ولا تلوون على أحد}
-
باب: {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنةً نعاسًا يغشى طائفةً منكم}
-
باب: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم}
-
باب ذكر أم سليط
-
باب قتل حمزة
-
باب ما لقي النبي من الجراح يوم أحد
-
باب
-
باب: {الذين استجابوا لله والرسول}
-
باب من قتل من المسلمين يوم أحد
-
باب: أحد يحبنا
-
باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة
-
باب غزوة الخندق
-
باب مرجع النبي من الأحزاب ومخرجه إلى بنى قريظة ومحاصرته إياهم
-
باب غزوة ذات الرقاع
-
باب غزوة بني المصطلق من خزاعة
-
باب غزوة أنمار
-
باب حديث الإفك
-
باب غزوة الحديبية
-
باب قصة عكل وعرينة
-
باب غزوة ذات القرد
-
باب غزوة خيبر
-
باب استعمال النبي على أهل خيبر
-
باب معاملة النبي أهل خيبر
-
باب الشاة التي سمت للنبي بخيبر
-
باب غزوة زيد بن حارثة
-
باب عمرة القضاء
-
باب غزوة مؤتة من أرض الشام
-
باب بعث النبي أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة
-
باب غزوة الفتح وما بعث حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة
-
باب غزوة الفتح في رمضان
-
باب أين ركز النبي الراية يوم الفتح
-
باب دخول النبي من أعلى مكة
-
باب منزل النبي يوم الفتح
-
باب
-
باب مقام النبي بمكة زمن الفتح
-
باب
-
باب قول الله تعالى: {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم}
-
باب غزاة أوطاس
-
باب غزوة الطائف
-
باب السرية التي قبل نجد
-
باب بعث النبي خالد بن الوليد إلى بنى جذيمة
-
سرية عبد الله بن حذافة السهمي وعلقمة بن مجزز المدلجي
-
باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع
-
بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع
-
باب غزوة ذي الخلصة
-
باب غزوة ذات السلاسل
-
باب ذهاب جرير إلى اليمن
-
باب غزوة سيف البحر
-
حج أبي بكر بالناس في سنة تسع
-
باب وفد بني تميم
-
باب
-
باب وفد عبد القيس
-
باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال
-
قصة الأسود العنسي
-
قصة أهل نجران
-
باب قصة عمان والبحرين
-
باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن
-
قصة دوس والطفيل بن عمرو الدوسي
-
باب قصة وفد طيء وحديث عدي بن حاتم
-
باب حجة الوداع
-
باب غزوة تبوك
-
حديث كعب بن مالك
-
باب نزول النبي الحجر
-
باب
-
باب كتاب النبي إلى كسرى وقيصر
-
باب مرض النبي ووفاته
-
باب وصية النبي
-
باب آخر ما تكلم النبي
-
باب وفاة النبي
-
باب
-
باب بعث النبي أسامة بن زيد في مرضه الذي توفي فيه
-
باب
-
باب كم غزا النبي؟
-
باب غزوة العشيرة
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░34▒ (بَابُ: حَدِيثِ الإِفْكِ وَالأَفَك بِمَنْزِلَةَ النِّجْسِ وَالنَّجَسِ، يُقَالُ: إِفْكُهُمْ وَأَفْكُهُمْ وَأَفَكُهُمْ، قَالَ بَعْضُهُم: صَرَفَهُمْ عَنِ الإِيْمَانِ وَكَذَّبَهُمْ، كَمَا يُقَالُ: {يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} يُصْرَفُ عَنْهُ مَنْ صُرِفَ).
يريد بما ذكر مِنْ قوله: بمنزلة كذا أنَّهما واحدٌ، وقال ابن فارسٍ: أَفِك إذا كذب، إِفْكًا وأَفَكْتُهُ: صرفتُه، أَفَكًا يعني بفتح الهمزة والفاء، وقال الهَرَويُّ: النَّجَس: كلُّ شيءٍ يُسْتَقذر، فإذا قلت: رِجْس نِجْس، كسرت النُّون وأسكنت الجيم، قال ابن عُزَيرٍ: على الإتباع، وقيل: الإفكُ أسوأ الكذب، وعبارة ابن فارسٍ: شيءٌ نَجَسٌ ونَجِسٌ، مثل ما في الأصل، وقال ابن عُدَيسٍ في «باهره»: الأَفْك بفتح الهمزة وسكون الفاء، وحكي كسرها مصدر أَفَك الرَّجلُ يَأفِكُ إفِكًا إذا كذب، وبكسر الهمزة: الكذب، وبضمِّهما جمع أَفُوكٍ وَهُوَ الكَثِير الكَذِب.
4141- ثُمَّ ساق البُخَاريُّ حديث الإِفْك بطوله، وقد أسلفناه في الشَّهادات [خ¦2661]، ولنذكر هنا ما لم يسبق.
قولها: (فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي) أي سترتهُ بثوبي.
وقولها: (وَلاَ سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ) أي الذي أيقظها به، وما أحسنَ قولَ الحسن: كيفَ ظنُّكم بالرَّجُل يخلو بأمِّه؟ قالوا: خيرًا، قال: فكذلك كان ينبغي أن يُظنَّ بعائشة وصَفوان.
وقولها: (وَأَهْوَى حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ) أي أسرع، وأصلُه: مال وأخذ، وأهوى إليه إذا مال وأخذه.
وقولها: (وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَ الإِفْكِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ بْنِ سَلُولَ) (كِبْرَ) بكسر الكاف أي مُعظمَه، وعبد الله هذا هو ابنُ أُبيِّ بن مالك بن الحارث بن عُبيد بن مالك بن سالٍم الحُبْلي بن غَنْم بن عَوف بن الخزرج، وسلولُ أمُّ أبيه أُبَيٍّ امرأةٌ مِنْ خزاعةَ.
وقوله: (وَقَالَ عُرْوَةُ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ كَانَ يُشَاعُ وَيُتَحَدَّثُ بِهِ عِنْدَهُ، فَيُقِرُّهُ وَيَسْتَمِعُهُ وَيَسْتَوْشِيهِ) القَرُّ: صبُّ الكلام في الأذن، و(يَسْتَوْشِيهِ) يستدعيه ويستخرجه، قال ابن التِّينِ: يقال: هو يشي حديثَه، أي يكذب فيه ويَنمُّ، قال ابنُ عَرَفةَ: ولا يقال لِمَنْ نمَّ: واشٍ، حتَّى يغيِّر الكلام ويلوِّنَهُ فيجعلَه ضروبًا، ويزيِّنَ منه ما يشاء. وقيل: يستوشي الحديث: يستخرجه بالبحث والمسألة، كما يَسْتوشي الرَّجل جَرْيَ الفرس، وهو ضَرْبه جَنْبَه بعَقِبه، ويحرِّكه ليجري، يقال: أوشى فرسه واستوشاه، وقال الدَّاوُديُّ: يستوشيه: يزيد فيه على ما قال غيره، فكأنَّهُ سوَّى بين وَشَى واستوشى، وقد سلف شيءٌ مِنْ ذلك في الشَّهادات أيضًا.
وقوله: (قَالَ عُرْوَةُ: لَمْ يُسَمَّ مِنْ أَهْلِ الإِفْكِ أَيْضًا إِلَّا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ، وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ، فِي نَاسٍ آخَرِينَ لا عِلْمَ لِي بِهِمْ، غَيْرَ أَنَّهُمْ عُصْبَةٌ، كَمَا قَالَ الله تَعَالَى) قال ابن فارسٍ: العُصبة: نحو العشرة، وقال الدَّاوُديُّ: هم ما فوق العشرة إلى الأربعين، وقال بعضُ أهل اللُّغة: مِنَ العشرة إلى الأربعين، وقيل العصبة: الجماعة.
وقوله: (وَإِنَّ كِبْرَ ذَلِكَ يُقَالُ: عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ) تمامه: وإن متولِّي كِبْر ذلك.
وقوله: (قَالَ عُرْوَةُ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَكْرَهُ أَنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ، وَتَقُولُ: إنَّه الَّذِي قَالَ:
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي لِعِرْضِ مُحمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ)
العِرض هنا: النَّفْسُ، وقيل: الحسب، وقال ابن فارسٍ: ويقال: هو كلُّ موضعٍ يَعْرفُ مِنَ الجسد، ويقال: العِرض: الجلد والرِّيح الطَّيِّبة كانت أو خبيثةً، وقيل: الأعراض: سلف الإنسان، وقيل: ونفسه، و(نَقَـِـهْتُ) أَفَقْتُ كما سلف هناك بفتح القاف وكسرها، قال ابن التِّينِ: والفتح قول أهل اللُّغة، وأمَّا بالكسر، أي فهم، قلتُ: ويقال: نَقَهَ نَقَهًا ونُقُوهًا إذا صحَّ وهو في عقب عِلَّته، وأَنْقَهَهُ اللهُ وهو ناقِهٌ.
وقولها: (وَأَمْرُنَا أَمْرُ العَرَبِ الأولِ) هو بضمِّ الهمزة وتخفيف الواو، وبفتح الهمزة وتشديد الواو.
وقوله: (وَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الخَزْرَجِ، وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بِنْتَ عَمِّهِ مِنْ فَخِذِهِ) الفَخْذُ بسكون الخاء وبكسرها دونَ القبيلة وفوقَ البطن.
وقوله: (مِنْ ثِقلِ القَوْلِ) الثِّقْلُ ضد الخَفِّ، بكسر الثَّاء وإسكان القاف، قاله ابن التِّينِ.
فائدةٌ: ما وقع في «إكليل الحاكم» مِنْ أنَّ عائشة ♦ لمَّا رآها صفوان أتاها ببعيره وأقسم عليها لتركبنَّ فأبت إلَّا أن تكون رِدْفَه، وأنَّ عليًّا دخلَ على رَسُول الله صلعم وقال: إنَّ عائشةَ جاءتْ رِدف صفوانَ، فقال صلعم: ((لَا تَدخُلَنَّ عليَّ)) فخرجتْ تبكي، وإنَّ أباها لم يُؤْوِها ولا غيره، فلم تزلْ تَدعو حتَّى نزل / براءتها، منقطعٌ وضعيفٌ.
أخرى: قال البَيْهَقيُّ: مَنْ قال: إنَّ الإفك كان بالمريسيع، إنْ كان محفوظًا فيشبه أن يكون جُرحُ سعدِ بن معاذٍ لم ينفجر حتَّى كان بعد المريسيع، وحديثُ الإفك لقول سعدٍ: يا رَسُول الله، أَنَا أَعْذِرُكَ مِنِ ابنِ أُبَيٍّ، وذكر ابن مَنْدَه أنَّ سعدًا مات بالمدينة سنة خمسٍ، وسلف أنَّ بني المصطلق كانت في شعبان سنة خمسٍ، فكأنَّ سعدًا مات بعد شعبان مِنْ هذِه السَّنة.
فائدةٌ أخرى: قول زينب: (أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي) هو مأخوذٌ مِنَ الحِمَى، تقول: أحميهِ مِنَ المأثم أن أُريهِ ما لم يرَ قطُّ، يقال: حَميتُ الحِمى أَحْميه حميًا، وذكر غير واحدٍ أنَّهُ ◙ تزوَّج زينب بنت جحشٍ لهلال ذي القَعدة سنة خمسٍ، فكانت غزوة بني المصطلق في السَّنة مِنْ شعبان كما مرَّ، وحكى ابن عبد البرِّ عن أبي عُبيدة أنَّهُ تزوَّج بها في سنة ثلاثٍ، وعلى هذا القول يصحُّ اجتماعها في حديث الإفك الواقع في غزوة بني المصطلق، قال الدِّمْياطيُّ: والصَّحيح أنَّهُ في ذي القَعدة سنة أربعٍ.
فائدةٌ أخرى: قولُ عائشة: (وَاللهِ إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قِيلَ لَهُ مَا قِيلَ لَيَقُولُ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا كَشَفْتُ مِنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ، قَالَتْ: ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللهِ) في مسلمٍ: عَنْ كَنَفِ، بدل: (مِنْ كَنَفِ) بفتح النُّون: السِّتر، والمراد هنا ثوبَها الذي هو كَنَفُها، كنَّى عن الجماع، ومنه يُقالُ: هو في كَنَفِ الله وحفظِه، والكَنَف أيضًا: الجانبُ وناحيتا كلِّ شيءٍ كَنَفاه.
4142- وقولُ عائشةَ فيما ذكره بعدُ: (كَانَ عَلِيٌّ مُسَلِّمًا فِي شَأْنِهَا) هو بكسر اللَّام، وقال ابن التِّينِ: وضُبِط بفتحها أيضًا، والمعنى متقاربٌ، قال: ورُوي: مُسِيئًا، وهذا فيه بُعدٌ.
وهذا الحديث رواه مَعمرٌ عن الزُّهْريِّ: (قَالَ لِي الوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: أَبَلَغَكَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ فِيمَنْ قَذَفَ عَائِشَةَ ♦؟ قُلْتُ: لَا، وَلَكِنْ قَدْ أَخْبَرَنِي رَجُلَانِ مِنْ قَوْمِكِ: أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَارِثِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَهُمَا: كَانَ عَلِيٌّ مُسَلِّمًا فِي شَأْنِهَا).
ورواه ابن أبي خَيْثَمة عن ابن مَعينٍ عن عبد الرَّزَّاق عن مَعْمرٍ عن الزُّهْريِّ قال: كنت عند الوليد فقال: الذي تَولَّى كِبْره هو عليُّ بن أبي طالبٍ، قال: فقلتُ: أخبرني سعيد بن المسيِّب وعُروة بن الزُّبَير وعلقمة بن وقَّاصٍ وعبيد الله بن عبد الله، كلُّهم عن عائشة أنَّ الَّذي تَولَّى كِبْره عبد الله بن أُبيٍّ، قال: فما كان جُرْمهُ؟ قال: قلتُ: أخبرني شيخان مِنْ قومك فذكرَهما كما سلف عن عائشة ♦ قالت: كان مُسِيئًا فيَّ.
4143- ثُمَّ ذكر البُخَاريُّ أيضًا حَدَيث مَسْرُوقِ بْنِ الأَجْدَعِ قال: (حَدَّثَتْنِي أُمُّ رُومَانَ وَهْيَ أُمُّ عَائِشَةَ قَالَتْ: بَيْنَا أَنَا قاَعِدَةٌ أَناَ وَعَائِشَةُ إِذْ وَلَجَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ...) الحديث.
وقول مَسْروق بن الأجدع: (حَدَّثَتْنِي أُمُّ رُومَانَ) صريحٌ في سماعِه منها، وقد أسلفنا ما في إدراكها في مناقب الأنبياء في باب: قول الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ} الآية [يوسف:7] [خ¦3388]، قال الواقديُّ والزُّبَير: تُوفِّيت في ذي الحجَّةِ سنةَ ستٍّ، ونزل رَسُولُ الله صلعم قبرَها واستغفر لها، قال أبو عمر: روايةُ مسروقٍ عنها مرسلةٌ، وقال المقدسيُّ: قد رُوي الحديث عنه عن ابن مسعودٍ عنها وهو الأشبه بالصَّواب، ووقع لإبراهيم الحربيِّ أنَّهُ كان يسألُها وهو ابن خمسَ عشرةَ سنةً، ومات مسروقٌ وله ثمانٍ وسبعون سنةً، وأمُّ رُومَانَ أقدم مِنْ كلِّ مَنْ حدَّثَ عنهم مسروقٌ، وتعقَّبهُ الحافظ أبو بكرٍ الخطيب فقال: كيفَ خَفِيَ هذا عليه، وأمُّ رُومان ماتت على عهد رَسُول الله صلعم سنةَ ستٍّ في ذي الحجَّةِ كما أرَّخه هو وأبو حسَّان الزِّيَادِيُّ، وقد قال مُحمَّد بن سعدٍ: تُوفِّي مسروقٌ سنة ثلاثٍ وستِّين، وذكر الفضل بن عمرٍو أنَّ عمره حين مات ثلاثٌ وستُّون سنةً، فيكون له عند وفاة أمِّ رُومَانَ ستُّ سنين، انتهى.
ومسروقٌ أيضًا وُلِد باليمن ولم يقدَم المدينة إلَّا بعد وفاة رَسُولِ الله صلعم، إمَّا في خلافة أبي بكرٍ أو بعدها، وقد روى الإمام أحمد حديثَ مسروقٍ هذا مِنْ طريق عليِّ بن عاصمٍ وأبي جعفرٍ الرازي، عن حُصينٍ عن أبي وائلٍ عن مسروق عن أمِّ رُومَانَ، ولم يقولا فيه: حدَّثَني ولا سمعت، ورواه أبو سعيدٍ الأشجُّ عن مُحمَّد بن فُضيلٍ، فقال فيه: عن مسروقٍ قال: سُئلت أمُّ رُومَانَ وهي أمُّ عائشة، فذكرت القصَّة، قال الخطيب: وهذا أشبه ممَّا رواه البُخَاريُّ، ولعلَّ التَّصريح بالسَّماع جاء فيه مِنْ حُصينٍ، فإنَّهُ اختلط في آخر عمره.
وقال الدَّاوُديُّ: في رواية أبي وائلٍ عن مسروقٍ عن أمِّ رُومَانَ بعض الوهم لأنَّ أمَّ مِسْطَحٍ قرشيَّةٌ، وهي فقد قالت: (بَيْنَا أَنَا قَاعِدَةٌ أَنَا وَعَائِشَةُ، إِذْ وَلَجَتْ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ) وقد سلف ذلك أيضًا هناك.
وقولها: (فَانْصَرفَ _تَعْنِي رَسُولَ اللهِ صلعم_ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَأَنْزَلَ اللهُ عُذْرَهَا) خلاف قول عائشة: ما رامَ مجلسَه ولا خرجَ أحدٌ مِنْ أهل البيت حتَّى نزلتْ براءتها.
4144- ثُمَّ ذكر البُخَاريُّ عن عَائِشَةَ ♦ أنَّها (كَانَتْ تَقْرَأُ: {إِذْ تَلِقُوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} [النور:15] وَتَقُولُ: الوَلْقُ الكَذِبُ، قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيكَةَ: وَكَانَتْ أَعْلَمَ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِهَا لِأَنَّهُ نَزَلَ فِيهَا).
قراءة عائشةَ مِنْ وَلَقَ، والوَلْقُ: استمرار اللِّسان بالكذب، ومَنْ قرأ {تَلَقَّوْنَهُ} أي تنقلونه، والوَلْقُ ساكنة اللَّام.
4145- ثُمَّ ذكر البُخَاريُّ أيضًا عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: (ذَهَبْتُ أَسُبُّ حَسَّانَ عِنْدَ عَائِشَةَ ♦ فَقَالَتْ: لاَ تَسُبَّهُ، فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلعم، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صلعم فِي هِجَاءِ المُشْرِكِينَ، قَالَ: كَيْفَ بِنَسبِي؟) فَقَالَ: لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ العَجِينِ).
معنى: (يُنَافِحُ) يذبُّ بلسانه عنه، وأصل النَّفْح: الضربُ، وأكثر ما يقال ذلك فيما كان منه عن بعدٍ، وقد يكون النَّفحُ أيضًا مِنْ رَمْحِ الدَّابَّة إذا رَمَحَت بحدِّ حافرها.
4146- ثُمَّ ذكر أيضًا عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: (دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ وَعِنْدَهَا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يُنْشِدُهَا شِعْرًا يُشَبِّبُ بِأَبْيَاتٍ لَهُ، وقَالَ:
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الغَوَافِلِ).
معنى: (يُشَبِّبُ) تقدَّم ذلك في أوَّل شِعره، (حَصَانٌ) بفتح الحاء بيِّنة الحصن، وأصل الإحصان: المنع، وينطبق على أمورٍ منها: العفَّة، ويقال للعفيفة: مُحْصَنةٌ، وللمتزوِّجة كذلك، وقال ثعلبٌ: لا يقال للمتزوِّجة إلَّا بالفتح خاصَّة، وفرسٌ حِصَانٌ _بكسر الحاء_ وهو الفرس العتيق، وقيل هذا أصلُه، ثم استُعمل لكلِّ ذكرٍ مِنَ الخيل، و(رَزَانٌ) بفتح الرَّاء أيضًا، وهو كثير في أوصاف المؤنَّث، وفي الأعلام منها، يعني متثبِّتةٌ قليلة الخروج مِنْ بيتها، وهو ما تُمدح به النِّساء.
وقوله: (لَاْ تُزَنُّ بِرِيبَةٍ) أي لا تُتَّهم بها، يقال: أَزْنَنْتُ الرَّجلَ بالشَّرِّ إذا اتَّهمته به.
وقوله: (غَرْثَى) أي خَمِيصة البطن، والغَرَثُ: الجوع، رجلٌ غَرْثان وامرأةٌ غَرْثى والجمع غِراثٌ، يريد أنَّها لا تغتاب أحدًا، فتكون بمنزلة مَنْ تأكل لحومَهم فتشبع منها لكنَّها غَرْثى جائعةٌ مِنْ ذلك، و(لُحُومِ الغَوَافِلِ) العفيفات، قال تعالى: {الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} [النور:23] جعلهنَّ اللهُ غافلاتٍ لأنَّ الذي رُمِيْنَ به مِنَ الشَّرِّ لم يَهْمَمْنَ به قطُّ ولا خطر على قلوبهنَّ فهنَّ في / غفلةٍ عنه، وهذا أبلغ ما يكون مِنَ الوصف بالعفاف، نبَّه عليه السُّهيليُّ.
وقوله: (قَالَ مَسْرُوقٌ: فَقُلْتُ لَهَا لِمَ تَأْذَنِينَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْكِ وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَالَّذي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور:11]؟ قَالَتْ: وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ العَمَى؟ قَالَتْ لَهُ: إِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ، أَوْ يُهَاجِي عَنْ رَسُولِ اللهِ صلعم) أَنكر ذلك على مسروقٍ مَنْ قال: إنِّما تولى كِبره عبد الله بن أُبيِّ بن سَلُول، وأمَّا حسَّان فلم يتولَّ كِبْره، وإنَّما كان مِنَ الجملة، وكذلك ذكر أهلُ التَّفسير.
فائدةٌ: قد أسلفنا في الشَّهادات في الكلام على حديث الإفك أنَّ أمَّ مِسْطَحٍ اسمها سَلَمَى بِنْتُ أَبِي رُهْمٍ، واسم أبي رُهُمٍ أَنِيسٌ _بفتح الهمزة وكسر النُّون_ بن المطَّلب بن عبد منافٍ، ذكرَه الزُّبَير وضبطه ابن ماكولا، ويُقال: اسمُه صَخْر بن عامر بن سعد بن كعب بن تيم بن مُرَّة.