التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب من قتل من المسلمين يوم أحد

          ░26▒ (بَابُ: مَنْ قُتِلَ مِنَ المُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ
          مِنْهُمْ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ وَاليَمَانُ والنَّضْرُ بن أنسٍ، وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ ♥).
          4078- ثُمَّ أسند عن قَتَادَةَ قَالَ: (مَا نَعْلَمُ حَيًّا مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ أَكْثَرَ شَهِيدًا أَعَزَّ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنَ الأَنْصَارِ، قَالَ قَتَادَةُ: وَحدَّثَنا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: قُتِلَ مِنْهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعُونَ، وَيَومَ بِئْرِ مَعُونَةَ سَبْعُونَ، وَيَومَ اليَمَامَةِ سَبْعُونَ، قَالَ: وَكَانَ يَوْمُ بِئْرِ مَعُونَةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلعم، وَيَوْمَ اليَمَامَةِ عَلَى عَهْدِ أَبِي بكرٍ يَوْمَ مُسَيْلَمَةَ الكَذَّابِ).
          4079- ثُمَّ ساق مِنْ حديثِ الزُّهْريِّ: عَنْ عَبْدِ الرَّحمنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ جَابِرٍ الحديث، وفي آخرِه: (وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ).
          أسلفته في الجنائز مِنَ الوجه المذكور [خ¦1343].
          4080- (وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ عَن شُعبَةَ عَنْ مُحمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا قَالَ: لَمَّا قُتِلَ أَبِي جَعَلْتُ أَبْكِي وَأَكْشِفُ الثَّوبَ عَنْ وَجْهِهِ، فَجَعَلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلعم يَنْهَوْنِي وَالنَّبيُّ صلعم لَمْ يَنْهَ، وَقَالَ صلعم: لَا تَبْكِهِ أو ما تَبْكِيْهِ، مَا زَالَتِ الْمَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رُفِعَ).
          وهذا أسلفتُه في الجنائز [خ¦1293] عن ابن المدينيِّ عن سفيان عن ابن المُنْكَدر عن جابرٍ به.
          4081- وحديث أبي موسى ☺ في المنام، وقد أسلفناه في باب: غزوة أُحُدٍ.
          4082- وحديث خبَّابٍ، وسلف في الجنائز [خ¦1276].
          الشَّرح: (حَمْزَةُ) ☺ سلفت ترجمته، و(اليَمَانُ) هو والد حذيفة، وهو: حُسَيْل بن جابر بن ربيعة بن عمرو بن جَرْوَة، وأسقط ابنُ الكَلْبيِّ مِنْ نسبه ربيعة، واليمانُ أصابَ دمًا في قومه فحالفَ بني عبد الأشهل، فقيل له: اليمان لأنَّ الأنصار مِنَ الأزْد، والأزد مِنَ اليمن بن الحارث بن قُطَيعة بن عبسٍ، وقد أسلفنا أنَّ المسلمين قتلوه وتصدَّقَ ولدُه بديته على المسلمين، و(النَّضْرُ بْنُ أَنَسٍ) كذا ذكر البُخَاريُّ، وصوابه قَلبُه أنس بن النَّضر عمُّ أنس بن مالك بن النَّضر، كما نبَّه عليه الدِّمْياطيُّ، و(مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ) وهو ابن هاشم بن عبد مناف بن قصيِّ بن عبد الدَّار، أحدُ السَّابقين، وهو فردٌ ليس في الصَّحابة مصعب بن عُميرٍ سواه، وكذا أنس بن النَّضر، وكان مِنَ السَّادة، غاب عن بدرٍ فقال: لَئِنِ اللهُ أشهدَني قِتالًا ليَريَنَّ اللهُ ما أصنعُ، فلمَّا كان يوم أُحُدٍ استُشهد. وقد سرد مَنِ استُشهد بأُحُدٍ ابنُ إسحاق وغيرُه، والحاصل ستُّةٌ وتسعون، منهم مِنَ المهاجرين ومَنْ ذُكر معهم أحدَ عشر، ومِنَ الأنصار خمسةٌ وثمانون؛ مِنَ الأوس ثمانيةٌ وثلاثون، ومِنَ الخزرج ثمانيةٌ وأربعون، منهم عند ابن إسحاق مِنَ المهاجرين أربعةٌ، ومِنَ الأنصار واحدٌ وستُّون، مِنَ الأوس أربعةٌ وعشرون، ومِنَ الخزرج سبعةٌ وثلاثون، والباقون عن موسى بن عقبة، أو عن ابن سعدٍ، أو عن ابن هشامٍ، وقد ذكر أبو عمر فيهم زيادَ بنَ السَّكَن، أبا عُمَارة بن زيادٍ، وعند ابن إسحاق: زياد بن السَّكَن، قال وبعضهم يقول: عُمَارة بن يزيد، وذكر في «استيعابه» أيضًا أبا زيدٍ الأنصاريَّ وهو أبو بشير بن أبي زيدٍ ذكره في ترجمة ابنه، وحارثة بن عمرٍو السَّاعديَّ، وذكر ابن الكَلْبيِّ خِداش بن قتادة شهد بدرًا وأُحُدًا، وقُتِل بأُحدٍ، وأُنيسُ معدودٌ فيهم، وذكر في مغازيه عُمَيرَ بنَ عَديٍّ الخَطْميِّ الضَّرير، وغيرُه نفاه عنها، وقد تجاوزوا بهذِهِ الزِّيادات المئة.
          وفي الكتاب عن قتادة أنَّهم سبعون، ومنهم مَنْ يجعل السَّبعين مِنَ الأنصار خاصَّةً، كما قال ابن سعدٍ في غزوة أُحُدٍ، لكنَّهُ زاد في «تراجم الطَّبقات» على ذلك، وأكثرهم أنصارًا، ويذكر في تفسير قوله تعالى: {قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} [آل عمران:165] أنَّهُ تسليةٌ للمؤمنين عمَّن أُصِيب منهم يوم أُحُدٍ، أنَّهم لمَّا أصابوا مِنَ المشركين يوم بدرٍ سبعين قتيلًا وسبعين أسيرًا، فقد يُقال: الزِّيادة مِنْ باب الاختلاف، والله أعلم.
          فصلٌ: وقُتِل مِنْ كفَّار قريشٍ يوم أُحُدٍ ثلاثةٌ وعشرون رجلًا، منهم أبو الحكم بن الأخنس، وذكر غير ابن إسحاق فيهم شُرَيح بن قَارِظٍ.
          فصلٌ: فيه _أعني حديثَ جابرٍ_ تَقدِمَةُ مَنْ معه أكثر قُرآنًا في اللَّحد.
          فصلٌ: كان الأميرُ يوم اليَمامَةِ خالد بن الوليد، وكان على الأنصار ثابت بن قيس بن شمَّاسٍ، قُتِل يومئذٍ، وذكر الشَّيخ أبو مُحمَّد بن أبي زيدٍ أنَّ خالدًا صالحَ أهل اليَمامَة، صالحهُ عليها مُجَّاعة بن مُرَارة، واستُشِهد بها ألفٌ وأربع مئةٍ، قال: وقيل: ألفٌ ومئةٌ، منهم سبعون جمعوا القرآن، ولا يُخالف ما في البُخَاريِّ، إذ يجوز أن يكون السَّبعين مِنَ الأنصار والباقي مِنْ غيرهم.
          وقوله: (أَعَزَّ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنَ الأَنْصَارِ) ضُبط بالغين المعجمة والرَّاء المهملة، وبالعين المهملة والزَّاي المعجمة وهما ظاهران، و(بِئْرِ مَعُونَةَ) بالنُّون ماءٌ لبني سُليمٍ، وهو بين أرض بني عامرٍ وأرض بني سُليمٍ، وكان أميرها المُنْذِر بن عمرٍو المُعْنِق، وذكر الكِنْديُّ أنَّ بئرَ مَعُونة من جبال أُبْلَى في طريق المصعِد مِنَ المدينة / إلى مكَّة، وقال أبو عُبيدة في «مقاتل الفرسان»: هو ماءٌ لبني عامر بن صَعْصعة، وقال ابن دِحْية: هي بين مكَّة وعُسْفان وأرض هُذَيل، وجزم ابن التِّينِ بأنَّها على أربع مراحل مِنَ المدينة، قتلَهم عامر بن الطُّفيل في بني سُليمٍ وبني عامرٍ.
          فصلٌ: ورواية الزُّهْريِّ عن عبد الرَّحمن بن كعب بن مالكٍ، قال أحمد بن صالحٍ والذُّهْليُّ: ربَّما لم يسمع الزُّهْريُّ مِنْ عبد الرَّحمن بن كعبٍ لصُلبِه شيئًا، وإنَّما هو ابنُ أخيه عبد الرَّحمن بن عبد الله بن كعبٍ، ومات الأعلى في خلافة سليمان، والأدنى في خلافة هشامٍ.
          فصلٌ: حديث جابرٍ الثَّاني في مسلمٍ مِنَ رواية شعبة أيضًا: وجعلتْ فاطمةُ بنتُ عمرٍو تبكيه، فقال رَسُول الله صلعم: ((تَبكيهِ أو لَا تَبكيهِ))، وفيه: ((حتَّى رَفعتُموهُ)) قال عياضٌ: ظاهرُه أنَّهُ لفظُ رسولِ الله صلعم، وأنَّهُ قال _للتَّأكيد عليه_ ذلك، فقد حصل له مِنَ الفضل ما دلَّ على طريق التَّسلية لها والتَّسوية لفعلها، والمراد: تبكيه لمصابك بمثله ورزيَّتك به، أو لا تبكيه لسرورك بما حصل له مِنَ الفضل، وقد يُحتملُ أن يكون صلعم قال أحد اللَّفظين على هذا المعنى، وشكَّ الرَّاوي أيَّهما قال.
          فصلٌ: النَّمِرة في حديث خبَّابٍ: كلُّ شَمْلةٍ مخطَّطةٍ، وحكينا فيها أقوالًا في باب: الكفن مِنْ جميع المال مِنَ الجنائز [خ¦1274].