-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
باب غزوة العشيرة
-
باب ذكر النبي من يقتل ببدر
-
باب قصة غزوة بدر
-
باب قول الله تعالى: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم}
-
باب في فضل من شهد بدرًا
-
باب عدة أصحاب بدر
-
باب دعاء النبي على كفار قريش
-
باب قتل أبي جهل
-
باب فضل من شهد بدرًا
-
باب
-
باب شهود الملائكة بدرًا
-
باب
-
باب تسمية من سمي من أهل بدر
-
باب حديث بنى النضير
-
باب قتل كعب بن الأشرف
-
باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق
-
باب غزوة أحد
-
باب: {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما}
-
باب قول الله تعالى: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان}
-
باب: {إذ تصعدون ولا تلوون على أحد}
-
باب: {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنةً نعاسًا يغشى طائفةً منكم}
-
باب: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم}
-
باب ذكر أم سليط
-
باب قتل حمزة
-
باب ما لقي النبي من الجراح يوم أحد
-
باب
-
باب: {الذين استجابوا لله والرسول}
-
باب من قتل من المسلمين يوم أحد
-
باب: أحد يحبنا
-
باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة
-
باب غزوة الخندق
-
باب مرجع النبي من الأحزاب ومخرجه إلى بنى قريظة ومحاصرته إياهم
-
باب غزوة ذات الرقاع
-
باب غزوة بني المصطلق من خزاعة
-
باب غزوة أنمار
-
باب حديث الإفك
-
باب غزوة الحديبية
-
باب قصة عكل وعرينة
-
باب غزوة ذات القرد
-
باب غزوة خيبر
-
باب استعمال النبي على أهل خيبر
-
باب معاملة النبي أهل خيبر
-
باب الشاة التي سمت للنبي بخيبر
-
باب غزوة زيد بن حارثة
-
باب عمرة القضاء
-
باب غزوة مؤتة من أرض الشام
-
باب بعث النبي أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة
-
باب غزوة الفتح وما بعث حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة
-
باب غزوة الفتح في رمضان
-
باب أين ركز النبي الراية يوم الفتح
-
باب دخول النبي من أعلى مكة
-
باب منزل النبي يوم الفتح
-
باب
-
باب مقام النبي بمكة زمن الفتح
-
باب
-
باب قول الله تعالى: {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم}
-
باب غزاة أوطاس
-
باب غزوة الطائف
-
باب السرية التي قبل نجد
-
باب بعث النبي خالد بن الوليد إلى بنى جذيمة
-
سرية عبد الله بن حذافة السهمي وعلقمة بن مجزز المدلجي
-
باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع
-
بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع
-
باب غزوة ذي الخلصة
-
باب غزوة ذات السلاسل
-
باب ذهاب جرير إلى اليمن
-
باب غزوة سيف البحر
-
حج أبي بكر بالناس في سنة تسع
-
باب وفد بني تميم
-
باب
-
باب وفد عبد القيس
-
باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال
-
قصة الأسود العنسي
-
قصة أهل نجران
-
باب قصة عمان والبحرين
-
باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن
-
قصة دوس والطفيل بن عمرو الدوسي
-
باب قصة وفد طيء وحديث عدي بن حاتم
-
باب حجة الوداع
-
باب غزوة تبوك
-
حديث كعب بن مالك
-
باب نزول النبي الحجر
-
باب
-
باب كتاب النبي إلى كسرى وقيصر
-
باب مرض النبي ووفاته
-
باب وصية النبي
-
باب آخر ما تكلم النبي
-
باب وفاة النبي
-
باب
-
باب بعث النبي أسامة بن زيد في مرضه الذي توفي فيه
-
باب
-
باب كم غزا النبي؟
-
باب غزوة العشيرة
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░17▒ (بَابُ: غَزْوَةِ أُحُدٍ
وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ}) إلى قوله: ({سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران:121]، وَقَوْلِهِ: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}) إلى قوله: ({فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [آل عمران:139-143]، وَقَوْلِهِ: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ}) الآيتين [آل عمران:152-153]، (وَقَوْلِهِ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران:169]).
الشَّرح: كانتْ غزوة أُحُدٍ في شوَّالٍ سنةَ ثلاثٍ يومَ السَّبت لإحدى عشرة ليلةً خلت منه عندَ ابنِ عائذٍ، وعند ابن سعدٍ: لسبع ليالٍ خلون منه على رأس اثنين وثلاثين شهرًا مِنْ مُهاجَرِه، وقال ابن إسحاق: للنِّصف منه، وعند البَيْهَقيِّ عن مالكٍ: كانت بدرٌ لسنةٍ ونصفٍ مِنَ الهجرة وأُحدٌ بعدها بسنةٍ، وفي روايةٍ: كانت على أَحدٍ وثلاثين شهرًا.
وأُحُدٌ جبلٌ مِنْ جبال المدينة على أقلَّ مِنْ فرسخٍ منها، سُمِّي أُحُدًا لتوحُّده وانقطاعهِ عن جبالٍ أُخَر هناك، وكان ◙ يحبُّ الاسم الحسن، ولا أحسنَ مِنِ اسمٍ مشتقٍّ مِنَ الأَحَديَّة.
قال السُّهيليُّ: وفيه قبر هارون بن عِمران وبه قُبِض، وكان هو وأخوه موسى مرَّا به حاجَّين أو مُعْتَمرين، ويقال له: ذو عَينين، وعينان: تثنية عينٍ، جبلٌ بأُحُدٍ وهو الَّذي قام عليه إبليسُ يومَ أُحُدٍ، وقال: إنَّ سيِّدنا رَسُول الله صلعم قد قُتِل، وبه أقام رَسُول الله صلعم الرُّماة يومَ أُحُدٍ، وقد يخفَّفُ فيقالُ: أُحْدٌ، وقد عَقَد بابًا في آخر هذِه الغزوة في أنَّهُ جبلٌ يحبُّنا ونحبُّهُ، وقد سلفَ أيضًا، والظَّاهر حملُه على ظاهره وأنَّ الله يخلقُ فيه ذلك كما خلق في الجبال المُسبِّحة مع داود، ويُحتملُ أن يُتَأوَّلَ أنَّ المرادَ أهلُه، أو المرادُ أنَّهُ كان يُبشِّره إذا أتاه بالقُرْب مِنْ أهله ولقائهم.
وفي الآثار المسندة أنَّهُ يوم القيامة عندَ باب الجنَّة مِنْ داخلها، في بعضها أنَّهُ ركنٌ لبابِها، ذكرَه ابنُ سلَّامٍ في «تفسيره»، وفي «المسند» مِنْ حديث أبي عَبس بن جبرٍ مرفوعًا أنَّهُ على بابِ الجنَّةِ، قال ابن إسحاق: كما حدَّثَني الزُّهْريُّ وغيرُ واحدٍ عدَّدَهم: لمَّا أُصِيب يومَ بدرٍ مِنْ كفَّار قريشٍ أصحابُ القَليب، ورجع فَلُّهُم إلى مكَّة، ورجع أبو سفيان بن حربٍ بعِيرِهِ، مشى عبدُ الله بن أبي ربيعة / وعِكرمة بن أبي جهلٍ وصفوانُ بن أُميَّةَ في رجالٍ مِنْ قريشٍ ممَّن أُصِيبَ آباؤهم وإخوانُهم وأبناؤهم يومَ بدرٍ، فكلَّموا أبا سفيان بن حربٍ ومَنْ كانت له في تلك العير مِنْ قريشٍ تجارةٌ، فقالوا: أيا معشرَ قريشٍ، إنَّ مُحمَّدًا قد وَتَركم وقَتَل خِياركم، فأعينونا بهذا المال على حربِهِ لعلَّنا نُدركُ منه ثأرًا بمَنْ أصابَ منَّا، ففعلوا.
وقال ابن سعدٍ: لمَّا رجع مَنْ حضر بدرًا مِنَ المشركين إلى مكَّة وجدوا العِير التي قَدِم بها أبو سفيان موقوفةً في دار النَّدوة، فمشتْ أشرافُ قريشٍ إلى أبي سفيان، فقالوا: نحن طيِّبو أنفسٍ أنْ تجهِّزوا بربحِ هذِهِ العير جيشًا إلى مُحمَّدٍ، فقال أبو سفيان: أنا أوَّلُ مَنْ أجاب إلى ذلك وبنو عبد منافٍ معي، فباعوها فصارتْ ذهبًا فكانت ألفَ بعيرٍ والمال خمسين ألف دينارٍ، فسلَّمَ إلى أهل العير رؤوسَ أموالهم وأخرجوا أرباحَهم، وكانوا يربحون في تجاراتهم بكلِّ دينارٍ دينارًا.
قال ابن إسحاق: وفيهم كما ذكر لي بعضُ أهل العلم أنزلَ الله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ} الآية [الأنفال:36]، فاجتمعتْ قريشٌ لحربِ رَسُولِ الله صلعم، فعل ذلك أبو سفيان وأصحابُ العِير بأحابيشِها ومَنْ أطاعَها مِنْ قبائل كِنانة وأهل تِهامة، وبعثوا رسلهم يسيرون في العرب إلى نصرتهم فأوعبوا فكانوا ثلاثة آلافٍ فيهم سبع مئة دارعٍ ومئتا فرسٍ وثلاثة آلاف بعيرٍ، وأجمعوا على إخراج الظُّعُن معهم ليذكِّرنَّهم قتلى بدرٍ فيكون أَحَدَّ لهم، وكُنَّ خمس عشرة امرأةً.
قال ابن سعدٍ: وكتب العبَّاسُ به إلى رَسُول الله صلعم بخبرِهم كلِّه، فأخبرَ رسولُ الله صلعم سعدَ بن الرَّبيع بكتاب العبَّاس.
قال ابن إسحاق: وكان أبو عزَّة عمرو بن عبد الله الجُمَحيُّ قد منَّ عليه رَسُولُ الله صلعم يومَ بدرٍ، وكان فقيرًا ذا عِيالٍ وحاجةٍ، وكان في الأُسارى، فقال: يا رَسُول الله، إنِّي فقيرٌ وذو عيالٍ وحاجةٍ قد عرفتها فامنُنْ عليَّ صلى الله عليك، فمنَّ عليه ثُمَّ خرج عليه فأمرَ بقتله، واستشار ◙ الصَّحابةَ في الخروج فكان رأيُ كبارِهم عدمه وخالف فيه شبابهم، فخرج في ألفٍ بعد صلاة الجمعة، فلمَّا كان بمكانٍ يُقالُ له الشَّوط انخزل ابن أُبيٍّ بثلاث مئةٍ، ويقال: بل أمرهم ◙ بالانصراف لكُفرهم.
وقال موسى بن عقبة: فلمَّا رجع عبدُ الله سُقِطَ في أيدي الطَّائفتين مِنَ المسلمين وهمَّا أن يقتتلا، وهما: بنو حارثة وبنو سَلِمة، وقال ◙ للرُّماة: ((لَا تتغيَّروا مِنْ مَكَانِكُم)) فلمَّا تغيَّروا هُزِموا وقُتلَ مِنَ المسلمين سبعون منهم حمزة بحربةِ وحشيٍّ، ويقال: خمسةٌ وستُّون، منهم أربعةٌ مهاجرون، وأُصِيب ◙ وشُجَّ جبينُه، وكَسَرَ رَباعِيَتُهُ اليمنى السُّفلى يَومئذٍ عُتبةُ بن أبي وقَّاصٍ، وجَرَحَ شفتَه السُّفلى عبدُ الله بن قَمِئة، وقال: خُذها وأنا ابنُ قَمِئة، فقال له: ((أَقْمَأَكَ اللهُ في النَّارِ))، فكان في غنمِه على ذُروة جبلٍ، فنطحَه تيسٌ فأرداهُ مِنْ شاهقةِ الجبل فتقطَّع، وضربَه بالسَّيف على شِقِّهِ الأيمن فجَرحَ وجنتهُ، ودخلت فيه حَلَقتان مِنَ المِغْفر، ووقع في حُفرةٍ مِنَ الحُفر الَّتي كِيْدَ بها المسلمون، عَمِلَها أبو عامرٍ الرَّاهب، فأخذه عليٌّ بيده، ورفعه طلحةُ حتَّى استوى قائمًا، واتَّقاه طلحة بن عُبيد الله، وفيه نزلتْ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} الآية [آل عمران:128] كما يأتي.
وذكر ابنُ هشامٍ أنَّ عبدَ الله بن شهابٍ الزُّهْريَّ _جدُّ مُحمَّد بن مسلمٍ الزُّهْريِّ_ شَجَّ رَسُول الله صلعم في جبهتهِ، وهو غريبٌ، وصرخ ابنُ قَمِئة: إنَّ مُحمَّدًا قُتِل، ويُقالُ: بل أَزَبُّ العَقَبةِ، ويقال: بلْ إبليس تصوَّر في صورةِ جُعَالٍ، ولم يثبتْ معه يومئذٍ إلَّا أربعة عشر رجلًا، وفي مسلمٍ: أفرد يومئذٍ في سبعةٍ مِنَ الأنصار، ورجلَين مِنْ قريشٍ: طلحة وسعد بن أبي وقَّاصٍ، وسيأتي في البُخَاريِّ [خ¦3722]: لم يبقَ معه في تلك الأيَّام الَّتي يقاتل فيهنَّ غيرُ طلحةَ وسعدٍ، ومَنامُه الثَّابت مِنْ حديث أبي موسى كما سيأتي في باب: مَنْ قُتِل بأُحُد [خ¦4081] أنَّهُ قال: ((هَزَزْتُ سَيفًا فَانْقَطَعَ صَدرُهُ، فإِذَا هوَ مَا أُصِيبَ مِنَ المؤمنينَ يَومَ أُحُدٍ، ثُمَّ هززتُه أُخرَى فعَادَ أَحسنَ ما كانَ، فإذا هو مَا جَاءَ اللهُ بهِ مِنَ الفتحِ، ورأيتُ فيها أيضًا بَقَرًا واللهُ خَيرٌ، فإذا هُمْ ما أُصِيبَ مِنَ المؤمنين يومَ أُحُدٍ، وإذا الخيرُ ما جاءَ اللهُ به مِنَ الخير بعدُ، وثوابُ الصِّدقِ الَّذي آتانا اللهُ به بعدَ يومِ بدرٍ))، وفي غيره: ((وَرَأيتُ في ذُبَاب سَيفي ثُلْمًا، أدخلتُ يدي في دِرعٍ حَصينةٍ فأوَّلتُها المدينة))، وعن ابن هشامٍ: ((فأمَّا البقرُ فناسٌ مِنْ أَصْحَابي يُقْتَلون، وأمَّا الثَّلْمُ الَّذي رأيتُ في سَيْفي فهو رَجلٌ مِنْ أهلِ بيتي يُقتلُ)). قال ابنُ عقبة: ويقول رِجالٌ: الَّذي رأى بسيفِه الذي أصابَ وجهَه، فإنَّ العدوَّ أصابوا وجهَه يومئذٍ، وفَصَمُوا رَباعيَّته، وجرحوا شفته. وعن ابن عائذٍ أنَّ الرُّؤيا كانتْ ليلةَ الجمعة، وروى الواقِديُّ أنَّهُ أراد ألَّا يخرجَ مِنَ المدينة لرؤيا رآها، وفيها: ((إِنَّ سَيْفي ذا الفَقَار انقصمَ مِنْ عندِ ظُبَّته، وأوَّلتُهُ مَقتلَ رَجُلٍ مِنْ بيتي، وكأنِّي مُرْدِفٌ كَبْشًا، وهو كبشُ الكَتيبةِ نقتلُه إنْ شاءَ اللهُ)).
وكان لواءُ المشركين يومئذٍ بيد طلحة، وهو ابن عثمان أخو شَيْبة، مِنْ بني عبد الدَّار كما بيَّنهُ ابنُ عائذٍ فقُتِل، وكان لواءُ المسلمين بيد عليِّ بن أبي طالبٍ ☺، أيْ لواءُ المهاجرين، وقيل: بيد مصعب بن عميرٍ، وكان لواء الأوس بيد أُسَيد بن حُضَيرٍ، ولواء الخزرج بيد الحُبابِ بن المنذر، وقيل: بيد سعد بن عُبادة. قال ابن إسحاق: وكان مع قريشٍ ثلاثة آلاف رجلٍ ومئتا فرسٍ، وليسَ في المسلمين إلَّا فرسٌ واحدٌ، وقال الواقِديُّ: فرس رَسُول الله صلعم وفرس أبي بُردة.
فصل: معنى قوله تعالى: ({تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران:121]) أي تُلزِم، يقال: باءَ بكذا إذا لزمَه: ({وَلَا تَهِنُوا} [آل عمران:139]) لا تَضْعُفوا، قاله أبو عُبيدة، وقيل: إنَّهُ الضَّعف، قال الفرَّاء: وَهَنَه الله وأَوْهَنه، زاد غيره: ووهَّنَه.
القُـَرَح بضمِّ القاف وفتحها وفتح الرَّاء مصدرُ قرَح يقرَح، قال الكِسائيُّ: هو بالضَّم والفتح واحدٌ، أي الجِراح، وقال الفرَّاء وغيره: هو بالفتح مصدر قَرَحتُه، فهو نفس الجراحة، وبالضَّمِّ: الألم، قال أبو البقاء: ويُقرأ بضمِّهما على الإتباع.
وقوله: ({وَلِيَعْلَمَ اللهُ}) أي ليعلم صبرَ المؤمنين إذا غُلِبوا، وقد كان تعالى يعلم ذلك غيبًا، إلَّا أنَّ عِلمَ الغيب لا يقع عليه المجازاة، فالمعنى: ليعلمَهُ واقعًا علمَ شهادةٍ.
وقوله: ({وَلَمَّا يَعْلَمِ} [آل عمران:142]) (لَمَّا) بمعنى لم، إلَّا أنَّ لمَّا عند سيبويه جوابٌ لِمَنْ قال: قد فعلَ، ولم جوابٌ لِمَنْ قال: فعل، ومعنى الآية: ولمَّا يعلم الله ذلك واقعًا منهم لأنَّهُ علمَه غيبًا، وقيل: المعنى لم يكن منهم جهادٌ فيعلمُه الله.
وقوله: ({تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ} [آل عمران:143]) قال مجاهدٌ: كان قومٌ مِنَ المسلمين قالوا بعد بدرٍ: ليتَ قتالًا حتَّى نُبْلِي، فانهزم بعضُهم يومَ أُحُدٍ، فعاتبَه الله بهذه الآية، والبعضُ فسَّر: يتمنَّون سببَ الموت.
وقوله: ({وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ}) قيل: المعنى تَنظرون مُحمَّدًا، وقال: الأخفش بن سعيدٍ: {تَنْظُرُونَ} توكيد أي: وأنتم متيقِّنون.
({إِذْ تَحُسُّونَهُمْ} [آل عمران:152]) أي تستأصلونَهم قتلًا، وقوله: ({مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا}) قال بعضُهم: ما علمنا أنَّ منَّا مَنْ يريد الدُّنيا حتَّى نزلت الآية، ومعنى: ({لِيَبْتَلِيَكُمْ}) ليختبركم، وقيل: بالبلاء.
وقوله: ({وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا} [آل عمران:169]) جاء أنَّ أرواح الشُّهداء تَسرحُ في الجنَّة حيث شاءت، ثُمَّ تأوي إلى قناديلَ مُعلَّقةٍ عند العرش.