الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ما ينهى من سب الأموات

          ░97▒ (باب: ما يُنْهى مِنْ سبِّ الأموات)
          كتبَ الشَّيخ في «اللَّامع»: المراد بالسَّبِّ المنهيِّ عنه ما لم يتضمَّن منفعة دينيَّة كمن مات ولم يَعلَم بحاله أحد حتَّى يتَّبع، فنشر مساويه ممَّا لا ينفعه ولا يجديه، وكذلك مَنْ كان مِنْ أهل الصَّلاح والتُّقى فذِكْره بمساءة يضرُّه في آخرته ويرديه، فأمَّا مَنْ مات ونقل منه خصال يخاف عليها اتِّباع النَّاس إيَّاه فيها فإنَّ ذكر شرارته وما كان مِنْ أحواله لا ضير فيه لأنَّ ذكر ذلك يردعهم مِنِ اتِّباعه فيما نُقل عنه لأنَّ اتِّباعهم به لم يكن إلَّا لظنِّهم به خيرًا، وللإشارة إلى أنَّ مطلق ذكر مساوئ الموتى غير منهيٍّ عنه، أورد عَقيبه (باب: ذكر شرار الموتى). انتهى.
          قال الحافظ: قال ابن المنيِّر: لفظ التَّرجمة يشعر بانقسام السَّبِّ إلى منهيٍّ وغير منهيٍّ، ولفظ الخبر مضمونه النَّهي عن السَّبِّ مطلقًا.
          والجواب أنَّ عمومه مخصوص بحديث أنس السَّابق حيث قال صلعم عند ثنائهم بالخير وبالشَّرِّ: (وَجَبَتْ) ولم ينكر عليهم، ويحتمل أنَّ اللَّام في الأموات عهديَّة، والمراد به المسلمون لأنَّ الكفَّار ممَّا يُتقرَّب إلى الله بسبِّهم.
          وقالَ القُرْطُبيُّ في الكلام على حديث: (وَجَبَتْ) يحتمل أجوبة:
          الأوَّل: أنَّ الَّذِي كان يحدَّث عنه بالشَّرِّ كان مستظهرًا به، فيكون مِنْ باب /
          لا غيبة لفاسق، أو كان منافقًا.
          وثانيها: يُحمَل النَّهيُ على ما بعد الدَّفن والجوازُ على ما قبله ليتَّعظ به مَنْ يسمعه.
          وثالثها: يكون النَّهي العامُّ متأخِّرًا فيكون ناسخًا، وهذا ضعيف(1)... إلى آخر ما بسطه.


[1] فتح الباري:3/258 مختصرا