الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: إذا قال المشرك عند الموت لا إله إلا الله

          ░80▒ (باب: إذا قال المشرك عند الموت: لا إله إلَّا الله)
          قال الحافظ: قال ابن المنيِّر: لم يأت بجواب (إذا) لأنَّه صلعم لمَّا قال لعمِّه: ((قُلْ: لا إِلهَ إِلَّا اللهُ أَشْهَد لَكَ بِها)) كان محتملًا بأن يكون ذلك خاصًّا به لأنَّ غيره إذا قالها وقد أيقن بالوفاة لم ينفعه، ويحتمل أن يكون ترك الجواب ليفهم الواقف عليه أنَّه موضع تفسير وفِكر، وهذا هو المعتمد(1). انتهى.
          وفي «الفيض»: ويُعتبر إذا قالها قبل النَّزع، فإن دخل في الغرغرة فهو إيمان اليأس، وهو غير معتبر عند الجمهور، ونُسب إلى الشَّيخ الأكبر أنَّه اعتَبر إيمان فرعون، قال الشَّعْرانيُّ: وهذا مدسوس، والشَّيخ ⌂ منه بريء، قلت: بل هو مختار الشَّيخ ☼، وليس بمدسوس، وقد نقل بحر العلوم في «شرح المثنويِّ» عباراتٍ عديدةً للشَّيخ ☼ تدلُّ على هذا المعنى، ومراد الشَّيخ عندي أنَّ قوله بتلك الكلمة اعتبر مِنْ حيثُ كونُه إيمانًا لا مِنْ حيثُ كونُه توبةً.
          وكتب السُّيوطيُّ ☼ رسالة في تأييد الشَّيخ الأكبر، وردَّ عليه القاري، وسماها: «فرَّ العَونِ مِنْ مُدَّعِي إيمان فرعون»، وقد شدَّد في اسمه جدًّا. انتهى.
          وقالَ العَينيُّ: ولم يذكر جواب (إذا) لمكان التَّفصيل فيه، وهو أنَّه لا يخلو إمَّا أن يكون مِنْ أهل الكتاب أو لا يكون، وعلى التَّقديرين لا يخلو إمَّا أن يقول: لا إله إلَّا الله في حياته قبل معاينة الموت، أو قالها عند موته، وعلى كلا التَّقديرين لا ينفعه ذلك عند الموت لقوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} الآية [الأنعام:158]، وينفعه ذلك إذا كان في حياته ولم يكن مِنْ أهل الكتاب حتَّى يحكم بإسلامه بقوله صلعم: ((أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاس حتَّى يَقُولوُا: لا إلهَ إِلَّا اللهُ))... الحديث، وإن كان مِنْ أهل الكتاب فلا ينفعه حتَّى يتلفَّظ بكلمتي الشَّهادة، واشترط أيضًا أن يتبرَّأ عن كلِّ دينٍ سِوى [دين] الإسلام، ثمَّ ذكر العينيُّ ما تقدَّم مِنِ احتمال التَّخصيص. انتهى.


[1] فتح الباري:3/222