الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ما جاء في قبر النبي وأبى بكر وعمر

          ░96▒ (باب: ما جاء في قبر النَّبيِّ صلعم وأبي بكر وعمر...) إلى آخره
          قال الحافظ: قالَ ابنُ رُشَيدٍ: قال بعضهم: مراده بقوله: (قبر النَّبيِّ صلعم) المصدرُ مِنْ قَبَرْتُهُ قَبْرًا، والأظهرُ عندي أنَّه أراد الاسم، ومقصوده بيان صفته مِنْ كونه مسنَّمًا أو غير مسنَّم، وغير ذلك ممَّا يتعلَّق بعضه ببعض(1).
          قوله: (مسنَّمًا) قال الحافظ: أي: مرتفعًا، زاد أبو نُعيم في «المستخرج»: وقبر أبي بكر وعمر كذلك، واستدلَّ به على أنَّ المستحبَّ تسنيم القبور، وهو قول أبي حنيفة ومالك وأحمد وكثير مِنَ الشَّافعيَّة، وادَّعى القاضي حسين اتِّفاق الأصحاب عليه، وتُعُقِّب بأنَّ جماعة مِنْ قدماء الشَّافعيَّة استحبُّوا التَّسطيح كما نصَّ عليه الشَّافعيُّ، وبه جزم الماوَرْديُّ وآخرون، وقول سُفْيَان التَّمَّار لا حجَّة فيه _كما قال البَيْهقيُّ_ لاحتمال أنَّ قبره صلعم لم يكن في الأوَّل مسَنَّمًا لحديث أبي داود، قال القاسم بن محمَّد: ((دخلت على عائشة، فقلت: يا أمَّه اكشفي لي عن قبر رسول الله صلعم وصاحبيه، فكشفت له عن ثلاثة قبور لا مشرِفة ولا لاطئة، مبطوحة ببطحاءِ العَرْصَة الحمراء)) وهذا كان في خلافة معاوية، فكأنَّها كانت في الأوَّل مسطَّحة، ثمَّ لمَّا بُني جدار القبر في إمارة عمر بن عبد العزيز على المدينة مِنْ قِبَلِ الوليد بن عبد الملك صيروها مرتفعة، وقد روى أبو بكر الآجرِّيُّ في كتاب «صفة قبر النَّبيِّ صلعم» عن غُنَيْم بن بِسْطَام المدينيِّ قال: رأيت قبر النَّبيِّ صلعم في إمارة عمر بن عبد العزيز، فرأيته مرتفعًا نحوًا مِنْ أربع أصابع، ثمَّ الاختلاف في ذلك في: أيُّهما أفضل لا في أصل الجواز(2). انتهى مختصرًا.


[1] فتح الباري:3/256
[2] فتح الباري:3/257