الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب قول الميت وهو على الجنازة: قدموني

          ░52▒ (باب: قَول الميِّت وهُو على الجَنَازَة: قَدِّمُونِي)
          يشكل على المصنِّف تكرار التَّرجمة بما سيأتي بعد عدَّة أبواب (باب: كلام الميِّت على الجنازة) وكتب الحافظ هناك: قالَ ابنُ رُشَيدٍ: الحكمة في هذا التَّكرير أنَّ التَّرجمة الأولى مناسبة للتَّرجمة الَّتِي قبلها وهي (باب: السُّرعة بالجنازة) لاشتمال الحديث على بيان مُوجِب الإسراع، وكذلك هذا التَّرجمة مناسبة للتي قبلها أي: (باب: الميِّت يُعرَض عليه مقعده بالغداة والعشيِّ) كأنَّه أراد أن يبيِّن أنَّ ابتداء العرض إنَّما يكون عند حمل الجنازة لأنَّها حينئذ يظهر لها ما تؤول إليه فتقول ما تقول. انتهى.
          والأوجَهُ عند هذا العبد الضَّعيف أنَّ هذا الباب مِنْ قَبيل الأصل السَّادس، نبَّه بقوله: (كلام الميِّت) على أنَّ المراد بلفظ (الجنازة) في الحديث الميِّت.
          قال الحافظ: قوله: (إذا وضعت الجنازة) يحتمل أن يريد بالجنازة نفس الميِّت وبوضعه جعله في السَّرير، ويحتمل أن يريد به السَّرير، والمراد وضعها على الكتف، والأوَّل أولى لقوله بعد ذلك: (فإن كانت صالحة قالت) فإنَّ المراد به الميِّت، ويؤيِّده ما رُوي بلفظ: ((إذا وُضع المؤمن على سريره يقول: قدِّموني)) في الحديث. انتهى.
          وأما التَّرجمة الثَّانية الآتية فالظَّاهر عند هذا العبد الضَّعيف في الغرض منه إثبات كلام الميِّت نصًّا؛ إشارةً إلى أنَّ ما في أبي داود مِنْ حديث ابن أبي نملة عن أبيه أنه ((بينما هو جالس عند رسول الله صلعم وعنده رجل مِنَ اليهود مرَّ بجنازة فقال: يا محمَّد! هل تتكلَّم هذه الجنازة؟ فقالَ النَّبيُّ صلعم: الله أعلم، قال اليهوديُّ: إنَّها تتكلَّم، فقال رسول الله صلعم: مَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلاَ تُصَدِّقُوهُمْ وَلاَ تُكَذِّبُوهُمْ))(1)... الحديث، فلعلَّ الإمام البخاريَّ أشار بالتَّرجمة إلى أنَّ حديث أبي داود مبني على أنَّه صلعم لم يوح إليه شيء في ذلك / بعدُ فتدبَّرْ. انتهى مِنْ «هامش اللَّامع».


[1] سنن أبي داود، كتاب العلم، باب رواية حدبث أهل الكتاب، رقم:3644