الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب اتباع النساء الجنائز

          ░29▒ (باب: اتِّبَاع النِّساء الجَنَائِز(1))
          قال الحافظ: قال ابن المنيِّر: فصل المصنِّف بين هذه التَّرجمة وبين فضل اتِّباع الجنائز بتراجم كثيرة تشعر بالتَّفرقة بين النِّساء والرِّجال، وأنَّ الفضل يختصُّ بالرِّجال دون النِّساء لأنَّ النَّهي يقتضي التَّحريم أو الكراهة، والفضل يدلُّ على الاستحباب ولا يجتمعان، وأطلق الحكم هنا لما يتطرَّق إليه مِنَ الاحتمال، ومِنْ ثمَّ اختلف العلماء في ذلك، ومحلُّ النِّزاع إنَّما هو حيث تؤمن المفسدة(2). انتهى.
          قلت: لو كان كذلك لكان حقُّه أن تذكر قريبًا منها لتصير كالمستثنى مِنَ الأول، ثمَّ الظَّاهر في غرض المصنِّف بالنَّظر إلى الرِّواية الَّتِي أوردها في الباب أنَّ النَّهي للتَّنزيه، ويؤيِّده أنَّ المصنِّف ذكر فيما سيأتي قريبًا في (باب: زيارة القبور) عدم إنكاره صلعم على الزَّائرة، لكنَّ اتِّباع الجنازة أمر آخر غير الزِّيارة، ولذا ذكر هاهنا رواية المنع، وفي [الآتية] رواية الجواز.
          وفي «هامش الهندية» عن العَينيِّ: قالَ القُرْطُبيُّ: ظاهر الحديث يقتضي أنَّ النَّهي للتَّنزيه، وبه قال الجمهور، وعن أبي حنيفة: لا ينبغي ذلك(3). انتهى.
          وفي «البذل»: قالَ النَّوويُّ: مذهب أصحابنا أنَّه يُكره وليس بحرام لهذا الحديث، قال القاضي: قال الجمهور: لمنعهنَّ مِنِ اتِّباعها، وأجازه علماء المدينة، وأجازه مالك، وكرهه للشَّابَّة، قال في «الدُّرِّ المختار»: ويُكرَه خروجهنَّ تحريمًا، قال الشَّاميُّ: لقوله ╕: (ارْجِعْنَ مَأْزُوراتٍ غَيْرَ مَأْجُوراتٍ)... إلى آخر ما فيه.
          قلت: اختلفت الرِّوايات في ذلك عن مالك، كما في «الأوجز».
          وقالَ العَينيُّ: / ولم يبيِّن البخاري الحكم هل هو جائز أو لا؟ لاختلاف العلماء فيه لأنَّ قول أمِّ عطيَّة يحتمل أن يكون نهيَ تَحريم أو نهيَ تَنزيه، وقد ورد في الباب أحاديث تدلُّ على الجواز(4). انتهى مختصرًا.


[1] في (المطبوع): ((الجنازة)).
[2] فتح الباري:3/145
[3] عمدة القاري:8/64 مختصرا وفيه وعن أبي حنيفة: لا ينبغي ذلك للنِّساء
[4] عمدة القاري:8/63