الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من استعد الكفن في زمن النبي فلم ينكر عليه

          ░28▒ (باب: مَنِ اسْتَعَدَّ الكَفَن فِي زَمن النَّبيِّ صلعم...) إلى آخره
          قال الحافظ: قوله: (لم يُنْكر) ضُبط في روايتنا بفتح الكاف على بناء المجهول، وحُكيَ الكسر على أنَّ فاعل الإنكار النَّبيُّ صلعم، وإنَّما قيَّد التَّرجمة بذلك ليشير إلى أنَّ الإنكار الَّذِي وقع مِنَ الصَّحابة كان على طلب البردة، فلمَّا أخبرهم بعذره لم ينكروا على ذلك، فيُستفاد منه جواز تحصيل ما لا بدَّ للميِّت منه مِنْ كفنٍ ونحوه في حال حياته، وهل يلتحق بذلك قبر؟ فيه بحث سيأتي(1). انتهى.
          قال القَسْطَلَّانيُّ: قال أصحابنا: لا يُندب أن يُعِدَّ لنفسه كفنًا لئلَّا يحاسب على اتِّخاذه، أي: لا على اكتسابه لأنَّ ذلك ليس مختصًّا بالكفن، بل سائر أمواله كذلك، ولأنَّ تكفينه مِنْ ماله واجب وهو يحاسَب عليه بكلِّ حال، إلَّا أن يكون مِنْ جهةِ حِلٍّ وأثرِ ذي صلاحٍ فحَسُنَ إعداده كما هاهنا، ولو أعدَّ له قبرًا يدفن فيه فينبغي ألَّا يكره لأنَّه للاعتبار بخلاف الكفن، قاله الزَّرْكَشيُّ(2).
          كتبَ الشَّيخ في «اللَّامع»: ثمَّ إنَّ الإعداد وإن ثبت في الكفن ولم يثبت في القبر فلا يحسن إعداد القبر إلَّا إذا نوى فيه أن يَدفن فيه مَنْ مات مِنْ أهله، وذلك لأنَّ الموت في هذا الموضع المعلوم غير معلوم، ولا كذلك الكفن فإنَّه يمكن أخذه معه حيث شاء. انتهى.
          وفي «هامشه» عن ابن بطَّالٍ: قد حفر جماعة مِنَ الصالحين قبورهم قبل الموت، وتعقَّبه ابن المنيِّر بأنَّ ذلك لم يقع مِنْ أحد مِنَ الصَّحابة ولو كان مستحبًّا لكثر فيه. انتهى.
          وفي «الدُّرِّ المختار»: ويحفر قبرًا لنفسه، وقيل: يُكرَه، والَّذي ينبغي ألَّا يُكرَه تهيئة نحو الكفن بخلاف القبر، قال ابن عابدين: لقوله تعالى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان:34].


[1] فتح الباري:3/143 مختصرا
[2] إرشاد الساري:2/396