الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من تبع جنازة فلا يقعد حتى توضع عن مناكب الرجال

          ░48▒ (باب: مَنْ تَبِع جَنَازة فَلا يَقْعُد حتَّى تُوضَع عَن مَنَاكِب الرِّجال...) إلى آخره
          قال الحافظ: كأنَّه أشار بهذا إلى ترجيح رواية مَنْ روى في حديث الباب: (حتَّى تُوضَعَ بالأرض) على رواية مَنْ روى: (حتَّى تُوضَع في اللَّحْد) وفيه اختلاف على سهيل بن / أبي صالح عن أبيه، قال أبو داود: رواه أبو معاوية عن سهيل فقال: (حتَّى تُوضَع في اللَّحْد)، وخالفه الثَّوريُّ وهو أحفظُ فقال: (في الأَرْض). انتهى.
          قلت: فعلى هذا تكون التَّرجمة شارحة، وهو الأصل الثَّالث والعشرون، فإنَّ حديث الباب ليس فيه إلَّا قوله: (حتَّى توضع) فكأنَّ البخاريَّ أشار بالتَّرجمة إلى أنَّ الرَّاجح عنده في معناه: الوضع عن المناكب لا الوضع في اللَّحد.
          قال الحافظ أيضًا عن ابن المنيِّر: إنَّما نوَّع هذه التَّراجم مع إمكان جمعها في ترجمة واحدة للإشارة إلى الاعتناء بها، ولأنَّ بعض ذلك وقع فيما ليس على شرطه، فاكتفى بذكره في التَّرجمة لصلاحية الاستدلال(1). انتهى.
          قال الحافظ: وفي «المحيط» للحنفيَّة: الأفضل ألَّا يقعد حتَّى يهال عليها التُّراب.
          ثمَّ قال الحافظ في حديث الباب: هذا الحديث أبين سياقًا مِنْ حديث عامر بن ربيعة، وهو يوضح أنَّ المراد بالغاية المذكورة مَنْ كان معها أو مشاهدًا لها، وأمَّا مَنْ مرَّت به فليس عليه مِنَ القيام إلَّا قدر ما تمرُّ عليه أو توضع عنده بأن يكون بالمصلَّى مثلًا(2). انتهى.
          ومسألة الباب خلافيَّة بُسطت في «الأوجز»، فعندنا الحنفيَّة يُكره الجلوس فقيل: قبل الوضع بالأرض، وقيل: في اللَّحد، قولان عندنا.
          وعند الحنابلة كما في «الرَّوض المربع» وغيره: يُكره الجلوس لتابعيها حتَّى توضع بالأرض.
          وعند الشَّافعيَّة قولان: ففي «حاشية شرح الإقناع» القيام لها إذا مرَّت، والقيام إذا تبعها، منسوخان على المذهب، فلا يؤمر أحد بالقيام مطلقًا، هذا في القاعد إذا مرَّت به، أمَّا مُشيِّعُها فيُستحبُّ له ألَّا يقعد حتَّى توضع بالأرض.
          وأمَّا عند المالكيَّة فيجوز الجلوس للمُشَيِّعين قبل وضعها مِنْ [على] (3) أعناق الرِّجال، كما في «الشَّرح الكبير»(4). انتهى.


[1] في (المطبوع): ((لصلاحيته للاستدلال)).
[2] أنظر فتح الباري:3/179
[3] قوله: (([على])) ليس في (المطبوع)
[4] الشَّرح الكبير:1/421 وما بين حاصرتين منه وققد سقط مِنَ الأصلِ، وأنظر أوجز المسالك:4/520