الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه

          ░4▒ (باب: الرَّجل يَنْعَى إلَى أهْل الميِّت بِنَفْسِه)
          قالَ العَينيُّ: قوله: (يَنْعَى إلى أهل الميِّت) أي: يُظهر خبر موته إليهم، والنَّعي مِنْ باب فَعَل يفْعَل بفتح العين فيهما.
          وذكر الحافظ في قوله: (ينعَى) احتمال الضَّمِّ أيضًا إذ قال: أو (يُنعَى) _بضمِّ أوَّله_ ثمَّ ذكر معناه، فارجع إليه لو شئت.
          وغرض التَّرجمة كما يظهر مِنْ كلام الحافظ إثبات جواز النَّعي، وأنَّه ليس ممنوعًا كلُّه ردًّا على ما كان عليه أهل الجاهليَّة مِنْ أن يَبعث رجلًا على الحمار ينعى النَّاس، ويحتمل أن يكون الغرض أنَّ ما ورد مِنَ النَّهي عن النَّعي ليس بمطلق خلافًا لما نُقل عن حُذَيفة مِنْ أنَّه إذا مات أحد يقول: لا تخبروا أحدًا، أو لدفع توهُّم أنَّ هذا مِنْ إيذاء أهل الميِّت وإدخال المَسَاءَة عليهم(1).
          وحاصله أنَّ محض الإعلام لا يُكْره، فإن زاد على ذلك فلا.
          وفي «شرح الإقناع»: ولا بأس بالإعلام بموته، بل يُستحبُّ، قصد كثرة المصلِّين، بخلاف نعي الجاهليَّة وهو النِّداء بموت الشَّخص وذكر مآثره و مفاخره. انتهى.
          وبه جزم الشَّيخ في «اللَّامع» كما سيأتي في الباب الآتي.
          وقال القَسْطَلَّانيُّ: والأوجه حمل النَّهي عن النَّعي على ما يَظهر فيه تَبَرُّم، أو على فعله مع الاجتماع له، أو على الإكثار منه، أو على ما يجدِّد الحزن دون ما عدا ذلك، فما زال كثير مِنَ الصَّحابة وغيرهم مِنَ العلماء يفعلونه. انتهى.
          ويشكل مطابقة حديث النَّجاشيِّ بالتَّرجمة، فإنَّ النَّجاشيَّ كان غريبًا ليس له أهل إلَّا المسلمين في دارنا، ويحتمل أن يكون في المدينة له أقارب كما يظهر مِنْ بعض الرِّوايات.
          وقالَ العَينيُّ: المطابقة بمجرَّد النَّعي.


[1] فتح الباري:3/116 مختصرا