الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من صف صفين أو ثلاثة على الجنازة خلف الإمام

          ░53▒ (باب: مَنْ صَفَّ صَفَّيْن أو ثَلاثَة...)
          كتبَ الشَّيخ في(1) «اللَّامع»: قوله في الحديث: (في الصَّفِّ الثَّاني والثَّالث) ترَدُّد الرَّاوي _في أنَّه كان في الثَّاني أو الثَّالث_ مُشْعر بجواز الأمرين كليهما، إذ ولم(2) تَجُز الصُّفوف ثلاثة أو لم يَجُز اثنان منها، بل وجب الإفراد وتوحيد الصَّفِّ، أو وجب تثليثها لا غيرُ لم يكن له تردُّد في أيِّ الأمرين كان، إذ لا يمكن أن يكون هناك إلا ما جاز واستُحِبَّ، وهذا كافٍ لإثبات التَّرجمة. انتهى.
          أشكل على التَّرجمة بوجه آخر بأنَّه لم يظهر مِنْ حديث الباب كون الصُّفوف وراء الإمام، وأجيب بأنَّه أشار إلى ما ورد في بعض طرقه صريحًا كما سيأتي في هجرة الحبشة: (فصففنا وراءه).
          وفي «هامش اللَّامع»: لا يبعد عند هذا العبد الضَّعيف أنَّ الإمام البخاري أراد به الرَّدَّ على مَنْ قال أن يكونوا صفًّا واحدًا.
          قال الحافظ في (باب: سنَّة الصَّلاة على الجنازة) قوله: (فيه صفوف...) إلى آخره، قرأت بخطِّ مُغُلْطاي: كأنَّ البخاريَّ أراد الرَّدَّ على مالك، فإنَّ ابن العربيِّ نقل عنه أنَّه استَحَبَّ أن يكون المصلُّون على الجنازة سطرًا واحدًا، قال: ولا أعلم لذلك وجهًا(3). انتهى.
          وعلى هذا فثبتت التَّرجمة بالشَّكِّ أيضًا، فإنَّه على كلِّ حال ثبتت الزِّيادة على الواحد، ولا يبعد أيضًا أنَّه أراد أنَّ تثليث الصُّفوف ليس بحتم، كما يظهر مِنْ بعض الآثار وإن كان مستحبًّا... إلى آخر ما ذكر في «هامش اللَّامع».


[1] قوله: ((في)) ليس في (المطبوع).
[2] في (المطبوع): ((إذ لو لم)).
[3] فتح الباري:3/191