الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الصلاة على الشهيد

          ░72▒ (باب: الصَّلاة على الشَّهيد)
          قال الحافظ: قال ابن المنيِّر: أراد باب: حكم الصَّلاة على الشَّهيد، ولذلك أورد فيه حديث(1) جابر الدَّالَّ على نفيها، وحديث عقبة الدَّالَّ على إثباتها، قال: ويحتمل أن يكون المراد: باب: مشروعيَّة الصَّلاة على الشَّهيد في قبره لأجل(2) [لا قبل](3) دفنه، عملًا بظاهر الحديثين، قال: والمراد بالشَّهيد قتيلُ المعركة في حرب الكفَّار. انتهى.
          ثمَّ قال الحافظ: والخلاف في الصَّلاة على قتيل المعركة مشهور، قال التِّرمذيُّ: قال بعضهم: يُصلَّى على الشَّهيد، وهو قول الكوفيِّين وإسحاق، وقال بعضهم: لا يُصلَّى عليه وهو قول المدنيِّين والشَّافعيِّ وأحمد.
          وفي «الأوجز»: وعن أحمد في ذلك روايتان، قالَ الموفَّق: الصَّحيح أنَّه لا يُصلَّى عليه، وهو قول مالكٍ والشَّافعيِّ، وعن أحمد رواية أخرى: يُصلَّى عليه، وهو قول الثَّوريِّ وأبي حنيفة.
          قال الحافظ: قال الماورديُّ عن أحمد: الصَّلاة عليه أجود، وإن لم يصلُّوا عليه أجزأ. انتهى.
          وفي «تراجم شيخ المشايخ»: إنَّما عقد المؤلِّف الباب للإشارة إلى أنَّ الدَّلائل في حديث الباب متعارضة، فمِنْ مثبت ومِنْ نافٍ، ومَنْ دأبه الإشارة إلى تعارض أدلَّة المسألة أيضًا، وعقد الباب لمجرَّد ذلك. انتهى.
          قلت: هذا أصل مطَّرد مِنْ أصول التَّراجم وهو الأصل الخامس والثَّلاثون.
          قوله: (في ثوب واحد) لم يتعرَّض له(4) الحافظ ولا غيره مِنَ الشُّرَّاح، وبسط السِّنْديُّ في توجيهه، ونقل عن «شرح المصابيح»(5) أنَّ المراد بثوب واحد في قبر واحد إذ لا يجوز تجريدهما بحيث تتلاقى بشرتهما.
          ثمَّ تعقَّب عليه السِّنديُّ بأنَّه يردُّه ما رواه التِّرمذيُّ عن أنس وفيه: ((فكثر القتلى وقلَّت الثِّياب، فكُفِّن الرَّجل والرَّجلان والثَّلاثة في الثّوب الواحد، ثمَّ يُدفنون في قبر واحد)) بل يردُّه نفس الحديث، فإنَّ ما ذكره لا يناسبه قوله: ثمَّ يقول: (أيُّهم أكثر قرآنًا...) إلى آخره.
          بقي أنَّه ما معنى ذلك والشَّهيد يُدفن في ثيابه الَّتِي عليه؟ فكأنَّ هذا فيمن قُطع ثوبه ولم يبقَ على بدنه أو بقي منه قليل لكثرة الجروح، وعلى تقدير بقاء شيء مِنَ الثَّوب السَّابق لا إشكال لكونه فاصلًا عن ملاقاة بشرتيهما، واعتذر بعضهم عنه بالضَّرورة، وقيل: جمعهما في ثوب واحد هو أن يقطع الثَّوب الواحد بينهما(6). انتهى.


[1] في (المطبوع): ((الحديث)).
[2] قوله: ((لأجل)) ليس في (المطبوع)
[3] كذا في الأصل ولا وجه له، وما بين حاصرتين من فتح الباري:3/209
[4] قوله: ((له)) ليس في (المطبوع).
[5] شرح المصابيح المذكور هو للمُظْهِر الزَّيْداني، الحسين بن محمود بن الحسن، مظهر الدين، من العلماء بالحديث،. نسبته الى صحراء زيدان بالكوفة. له المفاتيح في شرح المصابيح للبغوي، ت سنة 727 هـ = 1327 م (الأعلام للزركلي:2/259)
[6] أنظر حاشية السِّنْديِّ:1/160