الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن

          ░40▒ (باب: مَنْ جَلَس عِنْدَ المُصِيبَة...)
          قال الحافظ: لم يفصح المصنِّف بحكم هذه المسألة ولا الَّتِي بعدها لأنَّ كلًّا منهما قابل للتَّرجيح، أمَّا الأوَّل فلكونه مِنْ فعلِ النَّبيِّ صلعم، والثَّاني مِنْ تقريره، وما يباشره بالفعل أرجحُ غالبًا، وأمَّا الثَّاني فلأنَّه فعلٌ أبلَغُ في الصَّبر، وأزجَرُ للنَّفس فيرجَّح، ويُحمل فعلُه صلعم المذكور على بيان الجواز، ويكون فعله في حقِّه في تلك الحالة أولى.
          وقال ابن المنيِّر ما ملخَّصه: موقع هذه التَّرجمة مِنَ الفقه أنَّ الاعتدال في الأحوال هو المسلك الأقوم، فمَنْ أصيب بمصيبة عظيمة لا يفرط في الحزن حتَّى يقع في المحذور مِنَ اللَّطم والشَّقِّ وغيرهما، ولا يفرط في التَّجلُّد حتَّى يفضي إلى القسوة والاستخفاف بِقَدْر المصاب، فيُقتَدى به صلعم في تلك الحالة بأن يجلس المصاب جِلسة خفيفة بوقار وسكينة تظهر عليه مخايل الحزن، ويُؤْذِن بأنَّ المصيبة عظيمة. انتهى.
          وفي «الدُّرِّ المختار»: ولا بأس بالجلوس لها، أي: للتَّعزية في غير المسجد، وقال ابن عابدين: لا بأس هاهنا على حقيقته لأنَّه خلاف الأولى، كما صرَّح به في «شرح المُنْية».
          وفي «الأحكام» مِنْ «خزانة الفتاوى»: الجلوس في المصيبة ثلاثة أيَّام للرِّجال جازت الرُّخصة فيه، ولا تجلس النِّساء قطعًا. انتهى.
          قال ابن عابدين: وما في «البحر» مِنْ ((أنَّه صلعم جلس لمَّا قُتل جعفر وزيد بن حارثة والنَّاس يأتون ويعزونه)). انتهى.
          يجاب عنه بأنَّ جلوسه صلعم لم يكن مقصودًا التعزية(1). انتهى.


[1] في (المطبوع): ((للتعزية)).