الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب صفوف الصبيان مع الرجال على الجنائز

          ░55▒ (باب: صُفُوف الصِّبيان مَع الرِّجال...) إلى آخره
          ويشكل التَّكرار بما سيأتي مِنْ (باب: صلاة الصِّبيان...) إلى آخره، بسط الكلام عليه في «هامش اللَّامع»، وفيه قال الحافظ: قوله: (باب: صلاة الصِّبيان...) إلى آخره، أورد فيه حديث ابن عبَّاس في صلاته مع النَّبيِّ صلعم / على القبر.
          قالَ ابنُ رُشَيدٍ: أفاد بالتَّرجمة الأولى بيان كيفيَّة وقوف الصِّبيان مع الرِّجال، وأنَّهم يصفُّون معهم لا يتأخَّرون عنهم، لقوله في الحديث الَّذِي ساقه فيها: ((وأنا فيهم)) وأفاد بهذه التَّرجمة مشروعيَّة صلاة الصِّبيان على الجنائز وهو وإن كان الأوَّل دلَّ عليه ضمنًا، لكن أراد التَّنصيص عليه، وأخَّر هذه التَّرجمة عن فضل اتِّباع الجنائز ليبيِّنَ أنَّ الصِّبيان داخلون في قوله: (مَنْ تَبِعَ جنازة) والله أعلم(1). انتهى.
          وهكذا قالَ العَينيُّ وتبعهما القَسطلَّانيُّ في ذلك، وما يظهر لهذا العبد الضَّعيف إن كان صوابًا فمن الله وفضله، وإن كان خطأ فمنِّي ومِنْ شيطان، والإمام البخاريُّ منه بريء، وهو أنَّ مقصود الإمام البخاريِّ بالتَّرجمة الأولى هو الَّذِي اختارته الشُّرَّاح، نبَّه الإمام بها على أنَّ الصِّبيان لا يحتاجون إلى صفٍّ مستقلٍّ في الصَّلاة على الجنازة، بخلاف الصَّلاة المكتوبة، لقلَّة حضورهم في الجنائز، بخلاف المكتوبات.
          وأمَّا الغرض مِنَ التَّرجمة الثَّانية فهو أنَّ الثَّابت في الحديث صلاة الصِّبيان مع الرِّجال، فلا تكفي صلاتهم بدون الرِّجال لإسقاط فرض الكفاية. والمسألة خلافيَّة كما بحثها ابن عابدين، وحكى عن المحقِّق ابن أمير حاج أنَّ سقوطها بفعل الصَّبيِّ المميِّز هو الأصحُّ عند الشَّافعيَّة، قال: ولا يحضرني هذا منقولًا فيما وقفت عليه مِنْ كتبنا، وظاهر أصول المذهب عدم السُّقوط، قال ابن عابدين: حاصله أنَّها لا تسقط عن البالغين بفعله وإنَّ صلاته وإن صحَّت لنفسه لا تقع فرضًا، وعليه فلو صلَّى وحده لا يسقط الفرض عنهم. انتهى.
          وفي «الروض» مِنْ فروع الحنابلة: وتسقطُ بمُكَلَّف وتُسَنُّ جماعة. انتهى.
          والظَّاهر عندي أنَّ البخاريَّ مال في هذه المسألة إلى قول أحمد، وإليه أشار بالتَّرجمة حيث قال: صلاة الصِّبيان مع الرِّجال، وعلى هذا فالفرق بين التَّرجمتين واضح. انتهى مِنْ «هامش اللَّامع».


[1] فتح الباري:3/198