التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الصلاة على النفساء إذا ماتت في نفاسها

          ░62▒ بَابُ الصَّلاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ إِذَا مَاتَتْ مِنْ نِفَاسِهَا.
          1331- ذَكَرَ فيه حديثَ سَمُرَةَ: (صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ صلعم عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا، فَقَامَ عَلَيْهَا وَسْطَهَا).
          ثُمَّ ترجَمَ عليه:
          ░63▒ بَابٌ أَيْنَ يَقُومُ مِنَ المَرْأَةِ وَالرَّجُلِ؟
          1332- وهذا الحديثُ أخرجه مسلمٌ وسمَّى المرأةَ أمَّ كعبٍ، والحديثُ سَلَفَ في الحيضِ [خ¦332]
          ولفظةُ (وَرَاءَ) مِنَ الأضدادِ، فإنَّها قد تكونُ بمعنى قُدَّامَ، ومنه {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ} [الكهف:79] والنِّفاس _بكسْرِ النُّونِ_ الدَّمُ الخارجُ بعدَ الوَلَدِ.
          وقولُه: (فَقَامَ وَسْطَهَا) هو بسكونِ السِّينِ، وهو الصَّوابُ وقيَّدهُ بعضُهم بالفتْحِ أيضًا.
          وكونُ هذِه المرأةِ ماتتْ في نِفَاسِها وصفٌ غيرُ معتَبرٍ اتِّفاقًا وإنَّما هو حكايةُ أمرٍ وَقَعَ، وأمَّا وصفُ كونِها امرأةً فهل هو معتبرٌ أمْ لا؟ مِنَ الفقهاءِ مَنْ ألغاهُ وقال: يُقام عندَ وسْطِ الجِنازة مطلقًا ذَكرًا كانَ أو أنثَى، ومنهم مَنْ خصَّ ذلكَ بالمرأةِ محاولةً للسَّترِ، وقيل: كانَ قبل اتَّخاذِ الأنعِشَةِ والقِبابِ.
          وأمَّا الرَّجُلُ فعندَ رأسِه لِئَلَّا يُنظَرَ إلى فرْجِه، وهو مذهبُ الشَّافعيِّ وأحمدَ وأبي يوسفَ، وفيه حديثٌ في أبي داودَ والتِّرمِذيِّ وابنِ ماجَهْ. وقال ابنُ مَسْعودٍ بعكسِ هذا، وإسنادُه ضعيفٌ. وذُكِرَ عن الحسَنِ التَّوسعةُ في ذلك، وبها قال أشهبُ وابنُ شَعبانَ، وَقَال أصحابُ الرَّأيِ: يقومُ فيها حَذْوَ الصَّدرِ، قال النَّخَعيُّ وأبو حَنِيفةَ: عندَ الوسْطِ. وعبارةُ ابنِ الحاجب: ويُقام عندَ وسْطِ الجِنازة وفي مَنكِبي المرأةِ قولان، ويجعَلُ رأسَه على يمينِ المصلِّي، والخنثى كالمرأةِ، والإجماعُ قائمٌ على أنَّه لا يقومُ ملاصِقًا للجِنازة وأنَّه لا بُدَّ مِنْ فُرجةٍ بينهما.
          وفي الحديثِ إثباتُ الصَّلاةِ على النُّفَساءِ وإن كانتْ شهيدةً، وعن الحسن أنَّه لا يُصلَّى عليها بموتٍ مِنْ زنًا ولا ولدِها، وقاله قَتَادةُ في ولدِها، وفيه أيضًا أنَّ السُّنَّةَ أن يقفَ الإمامُ عند العَجيزةِ كما سَلَفَ وأنَّ موقفَ المأمومِ في صلاةِ الجِنازة وراءَ الإمامِ.