التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب البكاء عند المريض

          ░44▒ بَابُ البُكَاءِ عِنْدَ الْمَرِيضِ.
          1304- ذَكَرَ فيه حديثَ ابنَ عُمَرَ: (اشْتَكَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ شَكْوَى) الحديث. وفيه: (فَبَكَى النَّبِيُّ صلعم، فَلَمَّا رَأَى القَوْمُ / بُكَاءَ النَّبِيِّ صلعم بَكَوْا) الحديث.
          وهو دالٌّ على ما ترجمَ له مِن جوازِ البُكاءِ عند المريض، وليس ذلك مِن الجفاء عليه والتَّقريعِ له، وإنَّما هو إشفاقٌ عليه وَرِقَّةٌ وحُرْقةٌ لحالِه، وقد بيَّنَ في الحديث أنَّه لا يُعذَّب بدمْعِ العينِ ولا بِحُزْنِ القلبِ، وإنَّما يُعذَّبُ بالقولِ السَّيِّئِ ودَعْوى الجاهليَّةِ.
          وقولُه: (أَوْ يَرْحَمُ) أي إنْ لم يُنْفِذِ الوعيدَ في ذلك، أو إذا قال خيرًا واستسلم للقضاء.
          وقولُه: (فَوَجَدَهُ فِي غَاشِيَةِ أَهْلِهِ) يريد مَن كان حاضرًا عنده منهم، ويَبْعُدُ أن يكون المرادُ ما يتغشَّاهُ مِن كرْبِ الوَجَعِ الَّذي به، وإن أبداه ابنُ التِّينِ احتمالًا.
          ومعنى (قَدْ قَضَى) أي ماتَ.
          وقولُه: (وَكَانَ عُمَرُ يَضْرِبُ فِيْه بِالْعَصَا وَيَرْمِيْ بِالحِجَارَةِ وَيَحْثِيْ _أَوْ يَرْمِيْ_ بِالتُّرَابِ) إنَّما كان يضرِبُ في البُكاءِ بعد الموت لقولِه صلعم: ((فإذا وَجَبَتْ فلا تَبْكِيَنَّ باكيةٌ)) فَكانَ يضرِبُهُنَّ أَدَبًا لهنَّ لأنَّه الإمام، كذا أوَّلَه الدَّاودِيُّ، وقال غيرُه: إنَّما كان يضرِبُ في بُكاءٍ مخصوصٍ، وقَبْلَ الموتِ وبعدَهُ سواءٌ، وذلك إذا نُحْنَ ونحوه.
          وقولُه: (وَيَحْثِيْ بِالتُّرَابِ) تأسَّى بقولِه صلعم في نساء جعفر: ((اُحْثُ في أفواهِهِنَّ التُّراب)).