التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب من تبع جنازة فلا يقعد حتى توضع عن مناكب الرجال

          ░48▒ بَابُ مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً فَلَا يَقْعُدْ حتَّى تُوْضَعَ عَن مَنَاكِبِ الرِّجَالِ، فِإنْ قَعَد أُمِرَ بالقِيَامِ.
          1310- ذَكَر فيه حديثَ أبي سعيدٍ مرفوعًا: (إِذَا رَأَيْتُمُ الجَنَازَةَ، فَقُومُوا، فَمَنْ تَبِعَهَا فَلَا يَقْعُدْ حَتَّى تُوضَعَ).
          1309- وحديثَ سعيدٍ المقبُرِيِّ عن أبيه قَالَ: (كُنَّا فِي جَنَازَةٍ، فَأَخَذَ أَبُو هُرَيْرَةَ بِيَدِ مَرْوَانَ فَجَلَسَا قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ، فَجَاءَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَخَذَ بِيَدِ مَرْوَانَ، فَقَالَ: قُمْ وَاللهِ لَقَدْ عَلِمَ هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صلعم نَهَانَا عَنْ ذَلِكَ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: صَدَقَ).
          وهذا مِن أفرادِ البُخاريِّ، والأوَّلُ أخرجه مسلمٌ أيضًا. وقد أخَذَ بظاهرِ هذا الحديثِ طائفةٌ وكانوا يقومون للجنازةِ إذا مرَّت بهم، رُوي ذلك عن أبي مسعودٍ البدريِّ وأبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ، وقيسِ بن سعدِ وسَهْل بن حنيفٍ وسالمِ بن عبد اللهِ، زاد ابنُ حزمٍ: والمِسْوَرِ بن مَخْرَمةَ وقَتَادةَ وابنِ سِيرِينَ والشَّعْبيِّ والنَّخَعيِّ، وقال أحمدُ وإسحاقُ: إنْ قام لم أَعِبْهُ وإنْ قعدَ فلا بأس. ذكره ابنُ المنذِر، وقد سلفَ نَسْخُهُ وأنَّ أئمَّةَ الفتوى على ترْكِ القيام.
          قال ابنُ المنذر: وممَّن رأى أَلَّا يجلسَ مَن تَبِعَها حتَّى توضَعَ عن مناكبِ الرِّجالِ أبو هُرَيْرَةَ وابنُ عُمَرَ وابنُ الزُّبير والحسنُ بن عليٍّ والنَّخَعيُّ والشَّعْبيُّ والأوزاعيُّ، وأمَّا أَمْرُ أبي سعيدٍ لمروانَ بالقيامِ فهو مِن أفرادِه كما قال ابنُ بطَّالٍ. وممَّن رُوِيَ عنه القيامُ للجنازةِ إذا مرَّتْ بهم ممَّن ذكرناهم في الباب قبل هذا، لم يُحْفَظ عن أحدٍ منهم قولُ أبي سعيدٍ، وقعودُ أبي هُرَيْرَةَ ومروانَ دليلٌ على أنَّهما عَلِما أنَّ القيامَ ليسَ بواجِبٍ وأنَّه أمرٌ متروكٌ ليس عليه العملُ؛ لأنَّه لا يجوز أن يكون العملُ على القيامِ عندهم ويجلسان، ولو كان أمرًا معمولًا ما خَفِيَ مِثْلُه على مروانَ لتكرُّرِ مِثْلِ هذا الأمر وكثرةِ شهودِهم الجنائز، والعملُ في هذا على ما فعلَهُ ابنُ عُمَرَ والصَّحابةُ مِن الجلوس قبْلَ وضْعِها.