التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب ما يستحب أن يغسل وترًا

          ░9▒ بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُغسَلَ وِتْرًا.
          1254- ذَكَرَ فيه حديثَ أُمِّ عَطيَّةَ السَّالف في البابِ قبله بزيادةِ: (اغْسِلْنَهَا وِتْرًا) وكان فيه: (ثَلاَثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا) وكان فيه أنَّه قال: (ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا، وَمَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنْهَا) وكان فيه أنَّ أُمَّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: (وَمَشَطْنَا رَأْسَهَا ثَلاثَةَ قُرُوْنٍ).
          وشيخُه فيه (مُحَمَّدٌ) وهو ابنُ سَلَامٍ كما نسبه ابنُ السَّكَن.
          وفِقْهُ البابِ سَلَفَ في البابِ قبلَهُ، ومعنى أَمْرِهِ بالوِتْرِ لِيستشعِرَ المؤمنُ في أفعالِه بالوحدانيَّةِ، كما قال صلعم لِسَعْدٍ حين رآه يشيرُ بإصبعينِ في دعائِه: ((أَحِّدْ أَحِّدْ)) وإنَّما أَمَرَ بالبُداءةِ باليمين لأنَّه كان يحبُّ التَّيمُّنَ في شأنِه كلِّه، أي في التنظُّفات.
          وقولُه: (وَمَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنْهَا) معناه عند مالِكٍ أن يُبدأ بها عندَ الغسل الَّذي هو محضُ العبادةِ في غسل الجسد مِن أذىً وهو المستحبُّ، وقال أبو حنيفةَ: لا يوضَّأُ الميِّت. وقد سلف الخلافُ فيه في البابِ قَبْلَهُ.
          وقولُها: (وَمَشَطْنَا رَأْسَهَا ثَلاَثَةَ قُرُونٍ) أي ثلاثةَ ضفائِرَ، ضفيرتين وناصيتَها كما جاء مبيَّنًا في روايةٍ أخرى، وبه قال الشَّافعيُّ وأحمدُ وإسحاقُ وابنُ حبيبٍ، وقال الأوزاعيُّ والكوفيُّون: لا يُسَتحبُّ المشْطُ ولا الضَّفْرُ بل يُرسَلُ الشَّعرُ على جانبيها مفرَّقًا. ولم يَعْرِف ابنُ القاسمِ الضَّفْرَ بل قال يُلفُّ. وقيل تُجعَلُ الثَّلاثُ خلفَها وهو السُّنَّةُ كما سيأتي، وادَّعى مَن منع بأنَّه لم يطَّلِع الشَّارعُ عليه، وهو غلطٌ منه ففي صحيحِ ابنِ حِبَّان: ((واجعلن لها ثلاثةَ قُرُونٍ)).
          ووقعَ في كلامِ ابنِ بطَّالٍ أنَّه لا يُحفظ ذِكْرُ السَّبْعِ في حديثِ أمِّ عطيَّة إلَّا مِن روايةِ حفصةَ بنتِ سِيرِينَ عنها، ولم يَرْوِ ذلك محمَّدُ بن سِيرِينَ عن أمِّ عطيَّة، إلَّا أنَّه رَوَى هذه الألفاظَ عن أُختِه عن أمِّ عطيَّة ورَوَى سائرَه عن أمِّ عطيَّة ولا يضرُّه ذلك، وإنَّما ذَكَرَهُ بناءً على مذهبِه أنَّه يكرِّرُ إلى السَّبْعِ، وإنْ لم يحصل الإنقاءُ زِيدَ.