شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا ونيةً

          ░6▒ باب: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَنِيَّةً.
          وَقَالَتْ عَائِشَةُ عَنِ النَّبيِّ صلعم: (يُبْعَثُونَ على نِيَّاتِهِمْ).
          فيه: أَبو هُرَيْرَةَ: (عَنِ(1) النَّبيِّ صلعم: مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ). [خ¦1901]
          قوله: (إِيمَانًا واحتِساَبًا(2))، يريد تصديقًا بالثَّواب(3) من الله تعالى، على صيامه وقيامه وقوله: (احتِسَابًا)، يريد بذلك يحتسب(4) الثَّواب على الله وينوي بصيامه وجه الله(5)، وهذا الحديث دليلٌ على(6) أنَّ الأعمال(7) لا تزكو ولا تُتقبَّل إلَّا مع الاحتساب وصدق النِّيَّات، كما قال ◙: ((الأَعمَالُ بِالنِّيَّاتِ، ولِكُلِّ امرئٍ مَا نَوَى))، وهذا يردُّ قول زفر، فإنَّه زعم أنَّه يجزئ(8) صوم رمضان بغير نيَّةٍ، وقوله مردودٌ بهذه الآثار، وإذا صحَّ أنَّه لا عمل إلَّا بنيَّةٍ، صحَّ أنَّه لا يجزئ صوم رمضان إلَّا بنيَّةٍ(9) من اللَّيل، كما ذهب إليه الجمهور.
          وخالف ذلك أبو حنيفة والأوزاعيُّ وإسحاق وقالوا: يجوز(10) التَّبييت قبل الزَّوال، ولا سلف لهم في ذلك، والنِّيَّة إنَّما ينبغي أن تكون متقدِّمةٌ قبل العمل، وحقيقة التَّبييت في اللُّغة يقتضي زمن اللَّيل، ورُوي(11) هذا عن ابن عمر وحفصة وعائشة ولا مخالف لهم، وقد تقدَّم ما للعلماء في قوله ◙: ((الأَعمَالُ بِالنِّيَّاتِ))، في آخر كتاب الإيمان، في باب: ما جاء أن الأعمال بالنية والحسبة. [خ¦56]


[1] في (م): ((قال)).
[2] قوله: ((واحتسابًا)) ليس في (م).
[3] في (م): ((تصديقًا بفرضه والثواب)).
[4] في (م): ((يريد يحتسب ذلك)).
[5] في (م): ((وجهه تعالى)).
[6] في (م): ((دليل بين)).
[7] زاد في (م): ((الصالحة)).
[8] في (ز): ((يجوز)) والمثبت من (م).
[9] في (م): ((بتبييت)).
[10] في (م): ((يجزئه)).
[11] في (م): ((روي)).