شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: أجود ما كان النبي يكون في رمضان

          ░7▒ باب: أَجْوَدُ مَا كَانَ النَّبيُّ صلعم يَكُونُ في رَمَضَانَ.
          فيه: ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ(1): (كَانَ النَّبيُّ صلعم أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَد مَا يَكُونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ في رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ(2)، يَعْرِضُ(3) النَّبيُّ صلعم عليه الْقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ). [خ¦1902]
          قال المُهَلَّب: امتثل النَّبيُّ صلعم في هذا قول الله تعالى وأمره بتقديم(4) الصَّدقة بين يدي نجوى الرَّسول الَّذي كان أمر به تعالى عباده، ثمَّ عفا عنهم لإشفاقهم من ذلك، فامتثل ◙ ذلك(5) عند مناجاته جبريل صلَّى الله عليه وعلى جميع الملائكة، وقد تقدَّم هذا المعنى في كتاب بدء الوحي(6). [خ¦6]
          قال المُهَلَّب(7): وفيه بركة مجالسة الصَّالحين وأنَّ فيها تذكارًا(8) لفعل الخير، وتنبيهًا على الازدياد من العمل الصَّالح، ولذلك أمر ◙ بمجالسة العلماء، ولزوم حِلَق الذِّكر، وشبَّه الجليس الصَّالح بالعطَّار إن لم يصبك(9) من متاعه لم تعدم طيب ريحه.
          ألا ترى قول لقمان لابنه: يا بني جالس العلماء، وزاحمهم بركبتيك، فإنَّ الله يُحيي القلوب بنور الحكمة، كما يحيي الأرض الميتة بوابل السَّماء، وقال مرَّة أخرى: فلعلَّ أن تصيبهم رحمة فتنالك معهم، فهذه ثمرة مجالسة أهل الفضل ولقائهم.
          وفيه: بركة أعمال الخير، وأن بعضها يفتح بعضًا ويعين على بعض، ألا ترى أنَّ(10) بركة الصِّيام، ولقاء جبريل وعرضه القرآن عليه زاد في جود(11) النَّبيِّ صلعم وصدقته حتَّى كان أجود من الرِّيح المرسلة.
          قال عبد الواحد: ونزول جبريل في رمضان للتِّلاوة دليل عظيم لفضل تلاوة القرآن فيه، وهذا أصل تلاوة النَّاس للقرآن في كلِّ رمضان، تأسيًّا به صلعم، ومعنى مدارسة جبريل للنَّبيِّ ◙ فيه، لأنَّه الشَّهر الَّذي أنزل فيه القرآن، كما نصَّ الله تعالى(12).
          وفيه: أنَّ المؤمن كلَّما ازداد عملًا صالحًا وفُتح له(13) باب من الخير فإنَّه ينبغي له أن يطلب بابًا آخر، وتكون عينه ممتدَّة في الخير إلى فوق عمله، ويكون خائفًا وَجِلًا(14) غير معجب(15) بعمله، طالبًا للارتقاء في درجات الزِّيادة(16).


[1] قوله: ((قال)) ليس في (م).
[2] قوله: ((حتى ينسلخ)) ليس في (م).
[3] زاد في (م): ((عليه)).
[4] في (م): ((في تقديم)).
[5] في (م): ((فامتثل ذلك ◙)).
[6] العبارة في (م): ((وقد تقدم هذا المعنى بزيادة فيه في أو هذا الكتاب في باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلعم)).
[7] في (م): ((المؤلف)).
[8] في (م): ((تذكيرًا)).
[9] في (م) صورتها: ((يحذك)).
[10] قوله: ((أن)) ليس في (م).
[11] في (ز): ((وجود)) والمثبت من (م).
[12] قوله: ((قال عبد الواحد: ونزول جبريل في رمضان.... كما نص الله تعالى)) ليس في (م).
[13] في (م): ((عليه)).
[14] قوله: ((الجنَّة في سبعين ألفًا من باب........وتكون عينه ممتدَّة في الخير إلى فوق عمله، ويكون خائفًا وَجِلًا)) الورقة ليست في المخطوط (ص).
[15] في (م): ((متعجب)).
[16] قوله: ((غير معجب بعمله، طالبًا للارتقاء في درجات الزِّيادة)) غير واضحة في (ص).