شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب قدر كم بين السحور وصلاة الفجر

          ░19▒ باب: قَدْرِ كَمْ بَيْنَ السَّحُورِ وَصَلاةِ الْفَجْرِ.
          فيه: زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ(1): (تَسَحَّرْنَا(2) مَعَ النَّبيِّ صلعم ثُمَّ قَامَ إلى الصَّلاةِ، قُلْتُ: كَمْ بَيْنَ(3) الأذَانِ وَالسَّحُورِ؟ قَالَ: قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً). [خ¦1921]
          قال المُهَلَّب: هذا يدلُّ(4) على تأخير السَّحور ليتقوَّى به على الصَّوم، وإنَّما كان يؤخِّره إلى الفجر الأوَّل الَّذي هو البياض المعترض في الأفق، وكذلك(5) جعل الله الفجر الأوَّل حدًّا للأكل بقدر ما يتمُّ أكله ويطلع الفجر الثَّاني، ولولا هذا الفجر الأوَّل لصعب ضبط هذا الوقت على النَّاس، فقيل لهم: إذا رأيتم الفجر الأوَّل فهو نذير بالثَّاني، وهو بأثره بقدر ما يتعجَّل الأكل وينهض إلى الصَّلاة.
          وفيه: دليلٌ على تقدير الأوقات بأعمال الأبدان، والاستدلال على المغيب(6) بالعادة في العمل، ألا ترى في حديث طلوع الشَّمس من مغربها أنَّه(7) لا يعرف تلك اللَّيلة التي تطلع من صبيحتها إلَّا المتهجِّدون بتقدير اللَّيل بمقدار صلاتهم وقراءتهم المعتادة، والعرب تقدِّر الأوقات بالأعمال، فيقولون: قدر حلب شاة، وفُواق ناقة.


[1] قوله: ((قال)) ليس في (م).
[2] في (م): ((تسحرت)).
[3] في (م): ((كم كان بين)).
[4] زاد في (م): ((أيضًا)).
[5] في (م): ((ولذلك)).
[6] زاد في (م): ((منها)).
[7] قوله: ((أنه)) ليس في (م).