شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب صوم الصبيان

          ░47▒ بابُ: صَوْمِ الصِّبْيَانِ، وَقَالَ عُمَرُ لِنَشْوَانٍ في رَمَضَانَ: وَيْلَكُم(1)، صِبْيَانُنَا صُوَّاٌم، فَضَرَبَهُ(2).
          فيه: الرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذٍ قَالَتْ(3): (أَرْسَلَ النَّبيُّ صلعم غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إلى قُرَى الأنْصَارِ: مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَليَصُمْ، قَالَت(4): فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ(5)، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ على الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإفْطَارِ). [خ¦1960]
          أجمع العلماء أنَّه لا تلزم العبادات والفرائض إلَّا عند البلوغ، إلَّا أنَّ كثيرًا من العلماء استحبُّوا أن تُدرَّب الصِّبيان على الصِّيام والعبادات رجاء بركتها لهم وليعتادوها، وتسهل عليهم إذا لزمتهم، قال المُهَلَّب: وفي هذا الحديث من الفقه أنَّ من حمل صبيًّا على طاعة الله ودرَّبه على التزام شرائعه فإنَّه مأجور بذلك، وأنَّ المشقَّة الَّتي تلزم الصِّبيان في ذلك غير محاسب بها من حملهم عليها.
          قال ابن المنذر: واختلفوا في الوقت الَّذي يُؤمر فيه الصِّبيان بالصِّيام، فكان الحسن وابن سيرين وعروة وعطاء والزُّهريُّ وقَتادة والشَّافعيُّ يقولون: يُؤمر به إذا أطاقه، وقال الأوزاعيُّ: إذا أطاق صوم ثلاثة أيَّام تباعًا لا يخور فيهنَّ ولا يضعف حُمل على صوم رمضان، واحتجَّ بحديث ابن أبي لَبِيبة عن أبيه عن جدِّه عن النَّبيِّ ◙ أنَّه قال: ((إِذَا صَامَ الغُلامُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ فَقَد وَجَبَ عَلَيهِ صِيَامُ شَهرِ رَمَضَانَ))، وقال إسحاق: إذا بلغ ثنتي عشرة سنة أحببت له أن يتكلَّف الصِّيام للعادة، وقال ابن الماجِشُون: إذا أطاقوا الصِّيام(6) أُلزِموه، فإن أفطروا لغير عذرٍ(7) ولا علَّةٍ فعليهم القضاء. وقال أشهب: يُستحب(8) لهم إذا أطاقوه.


[1] في (م): ((ويلك)).
[2] في (م): ((صبياننا صوام فصوبه)).
[3] قوله: ((قالت)) ليس في (م).
[4] في (ز) و(ص): ((قال)) والمثبت من (م).
[5] في (م) صورتها: ((العين)).
[6] في (م): ((الصوم)).
[7] في (م): ((عجز)).
[8] في (م): ((ويستحب)).