شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب حق الضيف في الصوم

          ░54▒ بابُ: حَقِّ الضَّيْفِ في الصَّوْمِ.
          فيه: عبدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: (دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلعم) فَذَكَرَ(1) الْحَدِيثَ إلى قوله: (إِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا) إلى آخره. [خ¦1974]
          وقد(2) جاء عن النَّبيِّ صلعم إكرام الضَّيف وبرُّه(3) وذلك من سنن المرسلين، ألا ترى ما صنع إبراهيم ◙ بضيفه حين جاءهم بعجلٍ سمينٍ، وقال ◙: ((مَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآَخِرِ فَليُكرِم ضَيفَهُ))، ومن إكرام الضَّيف أن تأكل معه، ولا توحشه بأن يأكل وحده، وهو معنى قوله ◙: (إِنَّ لِضَيفِكَ عَلَيكَ حَقًّا)، يريد أن تطعمه أفضل ما عندك، وتأكل معه، ألا ترى أنَّ أبا الدَّرداء كان صائمًا فزاره سلمان، فلمَّا قرب إليه الطَّعام(4) قال: لا آكل حتَّى تأكل، فأفطر أبو الدَّرداء من أجله وأكل معه.
          والزَوْرُ الضَّيف، والرَّجل يأتيه زائرًا الواحد والاثنان والثَّلاثة. والمذكَّر والمؤنَّث في ذلك بلفظٍ واحدٍ، يُقال: هذا رجل زَور، ورجلان زَور، وقوم زَور، فتوحَّد(5) في كلِّ موضع، لأنَّه مصدر وضع موضع الأسماء، مثل(6) ذلك هم(7) قوم صَوم وفَطر وعَدل في أنَّ المذكَّر والمؤنَّث بلفظٍ واحدٍ.


[1] في (م): ((فيه عبد الله بن عمرو أنه دخل على النبي صلعم فذكر)).
[2] في (م): ((قد)).
[3] زاد في (م): ((والاحتفال به)).
[4] قوله: ((فلما قرب إليه الطعام)) ليس في (م).
[5] في (م): ((فيوحد)).
[6] في (م): ((ومثل)).
[7] قوله: ((هم)) ليس في (م).