إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ألا تريحني من ذي الخلصة

          3020- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو ابن مسرهدٍ قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) بن سعيدٍ القطَّانُ (عَنْ إِسْمَاعِيلَ) بن أبي خالدٍ الأحمسيِّ البجليِّ (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ) بالمهملة والزَّاي (قَالَ: قَالَ لِي جَرِيرٌ) بفتح الجيم، ابن عبد الله الأحمسيُّ ☺ : (قَالَ(1) لِي رَسُولُ اللهِ صلعم : أَلَا تُرِيحُنِي) بفتح الهمزة وتخفيف اللَّام وبالرَّاء والحاء(2) المهملتين، طلبٌ يتضمَّن الأمر بإراحة قلبه المقدَّس (مِنْ ذِي الخَلَصَةِ؟)‼ بالخاء المعجمة واللَّام، بعدها صادٌ مهملةٌ مفتوحاتٍ، أو بفتح أوَّله وسكون ثانيه، أو بضمِّهما، أو بفتحٍ ثمَّ ضمٍّ، والأوَّل أشهر لأنَّه لم يكن شيءٌ أتعب لقلبه ╕ من بقاء ما يُشرَك به من دون الله، وخُصَّ جريرٌ بذلك لأنَّها كانت في بلاد قومه وكان هو من أشرافهم(3) (وَكَانَ) ذو الخَلَصَة (بَيْتًا) لصنمٍ (فِي خَثْعَمَ) بفتح الخاء المعجمة وسكون المثلَّثة وفتح العين المهملة كجعفر، قبيلةٌ شهيرةٌ ينتسبون إلى خثعمَ بن أَنْمار _بفتح الهمزة وسكون النُّون_ ابن إِرَاشٍ _بكسر الهمزة وتخفيف الرَّاء، آخره شينٌ معجمةٌ_ أو اسم البيت الخَلَصَة، واسم الصَّنم ذو الخَلَصَة، وضعَّفه الزَّمخشريُّ: بأنَّ «ذو» لا تضاف إلَّا إلى أسماء الأجناس (يُسَمَّى) أي: ذو الخَلَصَة (كَعْبَةَ اليَمَانِيَةَ) بالتَّخفيف، لأنَّه بأرض اليمن، ضاهوا به الكعبة البيت(4) الحرام، من إضافة الموصوف إلى الصِّفة، وجوَّزه الكوفيُّون، وهو عند البصريِّين بتقدير: كعبة الجهة اليمانية (قَالَ) جرير: (فَانْطَلَقْتُ) أي: قبل وفاته ╕ بشهرين (فِي خَمْسِينَ وَمِئَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ) بفتح الهمزة وسكون الحاء المهملة وفتح الميم، آخره سينٌ مهملةٌ، قبيلة من العرب، وهم إخوة بَجِيلة _بفتح الموحَّدة وكسر الجيم_ رهط جريرٍ، ينتسبون إلى أحمس بن الغوث بن أَنْمار، وبَجَيلة: امرأةٌ تُنسَب(5) إليها(6) القبيلة المشهورة (وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ) أي: يثبتون عليها لقوله: (قَالَ: وَكُنْتُ لَا أَثْبُتُ عَلَى الخَيْلِ، فَضَرَبَ) ╕ (فِي صَدْرِي) لأنَّ فيه القلب (حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ أَصَابِعِهِ) الشَّريفة (فِي صَدْرِي، وَقَالَ: اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ) على الخيل (وَاجْعَلْهُ هَادِيًا) لغيره حال كونه (مَهْدِيًّا) بفتح الميم في نفسه (فَانْطَلَقَ) جريرٌ (إِلَيْهَا) أي: إلى ذي الخلصة (فَكَسَرَهَا) أي: هدم بناءها (وَحَرَّقَهَا) بتشديد الرَّاء، بأن رمى النَّار فيما فيها من الخشب (ثُمَّ بَعَثَ) جرير (إِلَى رَسُولِ اللهِ صلعم ) حال كونه (يُخْبِرُهُ) بتكسيرها وتحريقها (فَقَالَ رَسُولُ جَرِيرٍ) هو / أبو أرطأة حُصَين بن ربيعة _بضمِّ الحاء وفتح الصَّاد المهملتَين_ لرسول الله صلعم : (وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْوَفُ) بالهمزة والجيم(7) والواو والفاء، أي: صارت كالبعير الخالي الجوف (أَوْ) قال: (أَجْرَبُ) بالرَّاء والموحَّدة، كنايةٌ عن نزع زينتها وإذهاب بهجتها. وقال الخطَّابيُّ: مثْلُ الجمل المطليِّ بالقَطِران من جَرَبه، إشارةٌ إلى ما حصل لها من سواد الإحراق (قَالَ: فَبَارَكَ) ╕ (فِي خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا) أي: دعا لها بالبركة (خَمْسَ مَرَّاتٍ) مبالغةً، واقتصر على الوتر‼ لأنَّه مطلوبٌ.


[1] كرر في (ص)، و(م): «قال».
[2] في (د): «وبالحاء».
[3] في (م): «أشرفهم» وهو تحريفٌ.
[4] «البيت»: ليس في (د).
[5] في (د1) و(ص): «نُسِبَت».
[6] في غير (د): «إلى» وهو غير صحيحٍ.
[7] في (م): «بهمزةٍ وبالجيم».