إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}

          ░31▒ (بابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى) ولأبي ذرٍّ: ”╡“: ({لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ}) عن الجهاد ({مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}) في موضع الحال من القاعدين أو من الضَّمير الَّذي فيه و{مِنَ} للبيان، والمراد بالجهاد غزوة بدر، قاله ابن عبَّاسٍ. وقال مقاتلٌ: غزوة تبوك ({غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ}) برفع {غَيْرُ} صفة للقاعدين، والضَّرر كالعمى والعرج والمرض ({وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ}) عطفٌ على قوله: {الْقَاعِدُونَ} أي(1): لا مساواة بينهم وبين من قعد عن الجهاد من غير علَّةٍ، وفائدته تذكير ما بينهما من التَّفاوت؛ ليرغب القاعد في الجهاد رفعًا لرتبته وأنفةً عن انحطاط منزلته ({فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً}) نصبٌ بنزع الخافض، أي: بدرجةٍ، والجملة موضِّحةٌ للجملة الأولى الَّتي فيها عدم استواء القاعدين والمجاهدين، كأنَّه قيل: ما بالهم(2) لا يستوون؟ فأُجيبَ بقوله: {فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ} ({وَكُـلاًّ}) من القاعدين والمجاهدين ({وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى}) المثوبة الحسنى؛ وهي الجنَّة لحسن عقيدتهم وخلوص نيَّتهم، وإنَّما التَّفاوت في زيادة(3) العمل المقتضي لمزيد الثَّواب ({وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ}) كأنَّه قيل(4): وأعطاهم زيادةً على القاعدين {أَجْرًا عَظِيمًا} وأراد بقوله: (إِلَى قَوْلِهِ: { غَفُورًا رَّحِيمًا}[النساء:95-96]) تمام الآية، أي: غفورًا لما عسى أن يفرط منهم رحيمًا بهم، وقال في رواية أبي ذرٍّ بعد قوله: {غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ}: ”إلى قوله: {غَفُورًا رَّحِيمًا}“.


[1] «أي»: ليس في (د).
[2] في (د): «ما لهم».
[3] «زيادة»: مثبتٌ من (د) و(س).
[4] في (ص): «قال».