إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب من تكلم بالفارسية والرطانة

          ░188▒ (بابُ مَنْ تَكَلَّمَ بِالفَارِسِيَّةِ) أي: باللُّغة الفارسيَّة (وَالرَِّطَانَةِ) بفتح الرَّاء ويجوز كسرها، وهي التَّكلُّم بلسان العجم (وَقَوْلِهِ تَعَالَى) بالجرِّ عطفًا على السَّابق، ولأبي ذَرٍّ: ”وَقَولِ الله ╡“: ({وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ}) أي: ومن آيات الله اختلاف لغاتكم أو أجناس نطقكم وأشكاله، خالف جلَّ وعلا بين هذه الأشياء حتَّى لا تكاد تسمع منطقين متَّفقين في همسٍ واحدٍ ولا جهارةٍ ولا حدَّةٍ(1) ولا رخاوةٍ ولا فصاحةٍ ولا لُكْنَةٍ‼ ولا نَظْمٍ / ولا أسلوبٍ، ولا غير ذلك من صفات النُّطق وأحواله ({وَأَلْوَانِكُمْ}[الروم:22]) بياض الجلد وسواده، أو تخطيطات الأعضاء وهيئاتها وألوانها، ولاختلاف ذلك وقع التَّعارف، وإلَّا فلو اتَّفقت وتشاكلت وكانت ضربًا واحدًا لوقع التَّجاهل والالتباس، ولتَعطَّلت مصالحُ كثيرةٌ ({وَمَا أَرْسَلْنَا}) ولأبي ذَرٍّ: ”وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا}“ ({مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ}[إبراهيم:4]) فيه إشارةٌ إلى أنَّ نبيَّنا محمَّدًا صلعم كان عارفًا بجميع الألسنة؛ لشمول رسالته الثَّقلين على اختلاف ألسنتهم ليفهم عنهم ويفهموا عنه.


[1] في (ص) و(م): «واحدة» وليس بصحيحٍ.