إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ارم فداك أبي وأمي

          2905- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو ابن مسرهدٍ قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) بن سعيدٍ القطَّان (عَنْ سُفْيَانَ) أنَّه (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ) هو ابن الهاد اللَّيثيِّ المدنيِّ (عَنْ عَلِيٍّ) هو ابن أبي طالبٍ، كذا ساقه، وهو ساقطٌ في رواية أبي ذرٍّ.
          وبه قال: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ) بفتح القاف وكسر الموحَّدة، ابن عقبة بن محمَّد السُّوائي _بضمِّ السِّين المهملة وتخفيف الواو والمدِّ_ الكوفيُّ، وليس هو تصحيفَ قتيبةَ _بالمثنَّاة الفوقيَّة بعد القاف المضمومة_ كما زعم أبو نُعيمٍ في «مستخرجه» قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عيينة (عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ) أنَّه (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (عَبْدُ اللهِ بْنُ شَدَّادٍ) بفتح المعجمة وتشديد الدَّال المهملة الأولى، ابن الهاد المدنيُّ (قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا ☺ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلعم يُفَدِّي رَجُلًا) بضمِّ حرف المضارعة وفتح الفاء وتشديد الدَّال المهملة(1)مضارع: فدَّاه، إذا قال له: «جُعِلتُ فداك» (بَعْدَ سَعْدٍ) هو ابن أبي وقَّاصٍ‼، واسمه: مالك بن وهيبٍ، أحد العشرة المبشَّرة (سَمِعْتُهُ يَقُولُ) أي: يوم أُحُد: (ارْمِ) أي: الكفَّار بالنَّبل (فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي) بكسر الفاء، قال ابن الزَّملكانيِّ: الحقُّ أنَّ كلمة التَّفدية نُقِلت بالعرف عن وضعها، وصارت علامةً على الرِّضا، فكأنَّه قال: ارمِ مرضيًّا عنك، وزعم المهلَّب: أنَّ هذا ممَّا(2) خُصَّ به سعدٌ، وعورض بأنَّ في «الصَّحيحين» أنَّه ╕ / فدَّى الزُّبير وجمع له بين أبويه يوم الخندق [خ¦3720]، لكن ظاهرُ هذا وقول عليٍّ: «ما رأيته يفدِّي رجلًا بعد سعدٍ» التعارضُ، وجُمِعَ بينهما باحتمال أن يكون عليٌّ ☺ لم يطَّلع على ذلك، أو مراده ذلك بقيد يوم أُحُدٍ(3). وقول صاحب «المصابيح» متعقِّبًا للزَّركشيِّ في «التَّنقيح» حيث قال: قيل: وقد صحَّ أنَّه فدَّى الزُّبير أيضًا، فلعلَّ عليًّا لم يسمعه، إنَّما يحتاج إلى الاعتذار عنه(4) إذا ثبت أنَّه فدَّى الزُّبير بعد سعدٍ، وإلَّا فقد يكون فدَّاه قبله، فلا يعارض قولَ عليٍّ هذا. انتهى. عجيبٌ! فإنَّه ثبت في «باب(5) مناقب الزُّبير» [خ¦3720] من «البخاريِّ»: بأنَّه ╕ لمَّا قال يوم الأحزاب: «من يأتِ بني قريظة فيأتيني بخبرهم» انطلق الزُّبير إليهم، فلمَّا رجع جمع له ╕ بين أبويه، وغزوةُ الأحزابِ _المفدَّى فيها الزُّبير_ كانت سنة أربعٍ أو خمسٍ، وأُحُدٍ _المفدَّى فيها سعدٌ_ كانت سنة ثلاثٍ اتِّفاقًا، فوقوع ذلك للزُّبير كان بعد سعدٍ بلا خلافٍ كما لا يخفى، ولم تظهر المناسبة بين الحديث والتَّرجمة، فليُتَأمَّل.
          وهذا الحديث أخرجه في «المغازي» [خ¦4059] ومسلمٌ في «الفضائل» والتِّرمذيُّ في «المناقب» وابن ماجه في «السِّير».


[1] «المهملة»: ليس في (د).
[2] «ممَّا»: ليس في (د).
[3] قال العلَّامة الهوريني: وعبارة الشرقاوي على التحرير: ولم يحفظ ذلك لغيره، أي: لسعد أنه صلعم فداه ألف مرة بأبويه. اهـ. فافهم منه جوابًا آخر.
[4] «عنه»: ليس في (د) و(ص).
[5] «باب»: ليس في (د) و(م).