الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب السترة بمكة وغيرها

          ░94▒ (باب: السُّترة بمكَّة...)
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: لعلَّ المراد به أنَّ السُّترة لمَّا كانت غير مأمورٍ بها لِمَنْ صلَّى في المطاف والمسجد الحرام كان لمتوهِّمٍ أن يتوهَّم أنَّ السُّترة غير مأمورة بها في الحرم مطلقًا دفع ذلك الوهم، لأنَّها مندوبةٌ في الحلِّ والحرم وبمكَّة وغيرها، غير أنَّ سقوط تأكُّدها في المسجد الحرام مبنيٌّ على ضرورة الحرج. انتهى.
          وبسط الكلام عليه في «هامشه» وفيه قال الحافظ: قال ابن المُنَيِّر: إنَّما خصَّ البخاريُّ مكَّة بالذِّكر دفعًا لتوهُّم أنَّ السُّترة قبلةٌ، ولا ينبغي أن يكون لمكَّة قبلةٌ إلَّا الكعبة فلا يحتاج فيها إلى سترةٍ.
          قال الحافظ: والَّذي أظنُّ أنَّه أراد أن ينكت على ما ترجم به عبد الرَّزَّاق في «مصنَّفه»: باب: لا يقطع الصَّلاة بمكَّة شيءٌ، وأخرج فيه حديث كَثير بن كَثيرٍ عن أبيه عن جدِّه قال: ((رأيت النَّبيَّ صلعم يُصَلِّي في المسجد الحرام ليس بينه وبينهم سترةٌ))(1)، أخرجه أصحاب «السُّنن» ورجاله موثوقون إلَّا أنَّه معلولٌ، فأراد البخاريُّ التَّنبيه على ضعف هذا الحديث وألَّا فرق بين مكَّة وغيرها، هذا هو المعروف عند الشَّافعيَّة وعن بعض الحنابلة جواز ذلك في جميع مكَّة(2). انتهى.
          قلت: هو المرجَّح عندهم، بل جميع الحرم كذلك، كما في «المغني». انتهى مختصرًا.
          وترجم عليه ابن تيمية في «المنتقى»: باب: دفع المارِّ وما عليه مِنَ الإثم، والرُّخصة في ذلك للطَّائفين بالبيت، وذكره الشَّاميُّ عن بعض الحنفيَّة، كما بسط في «هامش اللَّامع».


[1] مصنف عبد الرزاق، كتاب الصَّلاة، باب لا يقطع الصَّلاة شيء بمكة، (رقم: 2387).
[2] فتح الباري1/576 مختصرا